بسم الله الرحمن الرحيم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ صدق الله العلي العظيم

 

يحيي المجتمع الدولي الجمعة الثاني من تشرين الثاني/ أكتوبر اليوم العالمي الذي اقرته الأمم المتحدة لــــ(اللاعنف)، وسط ظروف استثنائية وقاهرة غير مسبوقة، اجتمعت خلالها الكثير من التحديات التي تواجه الانسان بشكل عام.

اذ تشهد الإنسانية خطراً مزدوجاً يستهدف بكل الأحوال سكان المعمورة دون تمييز بين عرق او معتقد او اثنية، تشتمل تهديداته التي تصل لا سامح الله الى مستويات كارثية لم يسبق للبشرية مواجهتها.

حيث تجتاح جائحة كورونا الشعوب الإنسانية مخلفة تداعيات مؤلمة وخطيرة قد تفضي في حال عدم اللجوء الى حلول مبتكرة لمعالجتها الى نتائج تهدد الأمم والدول على حد سواء، خصوصاً مع التدهور الاقتصادي الذي أصاب معظم المجتمعات وما انسحب عليه من انحدار في المستوى المعيشي.

وخطورة الامر تتمثل في ما قد تسفر عنه تلك التداعيات من صراعات سياسية وعسكرية باتت تلوح تباشيرها في الأفق على مستوى المجتمع الدولي.

فيما تندلع منذ سنوات صراعات عسكرية وحروب دموية لا سيما في مناطق الشرق الأوسط، وحالياً في بعض أجزاء أوروبا واسيا وافريقيا، فضلا عن تهديد جاد للسلم الأهلي والامن الداخلي في القارات الامريكية وبعض الدول الأوروبية كما يتبين للمراقبين.

وعموما تشكل تلك المعطيات بمجملها تحدياً يصل بمستواه الحياة البشرية على كوكب الأرض، مما يستدعي اللجوء الى لغة العقل والتعاليم السمحاء للدين الإسلامي الحنيف ومبادئه المثلى في التعامل الإنساني في مختلف الظروف.

لقد شرع الإسلام للبشرية الكثير من السنن والقوانين التي تعالج احلك واصعب المواقف، وتبعد عن الانسان كافة أنواع الشرور في حال تمسك بها واسترشد واتبع سببا.

لقد نوه سماحة المرجع الديني الكبير اية الله العظمي السيد صادق الحسيني الشيرازي في اكثر من مناسبة الى أهمية إيلاء السلم الأهلي ومبدأ نبذ العنف بكافة اشكاله أهمية قصوى ووسيلة ضرورية لإشاعة الأمن والنجاة والحياة الكريمة لجميع البشر.

اذ قال دام ظله: (نجد في تاريخ الأمة الإسلامية نماذج مشرقة للاعنف، اقتداء بسيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله، والأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين).

ولطالما اكد سماحته على ان (للاّعنف دور كبير في إقرار حالة التعايش بين أفراد الأمة، مما يشكّل قاعدة رصينة لبناء النظام الاستشاري عليها).

وقد أشار سماحته في اكثر من مقام ومقال الى ان (جذور العنف تكمن في الجهل والعصبية، والفهم الخاطئ للدين، والاستبداد والديكتاتورية والحرمان الاجتماعي، والظلم من قبل الحكومات والأفراد الذي يولّد العنف المضاد، وغلق قنوات الحوار البنّاء، أو ضيق هذه القنوات).

وإذ تسترشد منظمة اللاعنف العالمية (المسلم الحر) بتوجيهات ووصايا المرجع الشيرازي حفظه الله، ترفع رسالتها الى قادة وحكام الدول والشعوب كافة في هذه المناسبة العالمية، مناشدة أصحاب القرار والمؤثرين فيه بضرورة الاستئناس والاستعانة بالرؤى الحكيمة والتوجيهات الصائبة للعلماء والفضلاء والمفكرين للتعامل مع التحديات التي تواجه شعوبهم على وجه الخصوص والأمم البشرية بشكل عام.

اذ كما اسلفنا ان الواقع البشري بات على المحك في مواجهته لهذه الاضطرابات والكوارث الطبيعة من جهة والمفتعلة من جهة أخرى، الامر الذي يستدعي اللجوء الى الحكمة وحسن التعامل والابتعاد عن منطق القوة الى قوة المنطق.

ان نبذ العنف بكافة اشكاله والاستعانة بالحوار والقبول بالاخرين والتعايش السلمي كلها وسائل حضارية وإنسانية تفضي دون شك الى التغلب على التحديات المصيرية وتمهد للازدهار والعيش الكريم لجميع الناس.

والله ولي التوفيق والسداد