من نعم اللـه سبحانه وتعالى على المهاجر المسلم أن يكون موفقاً في رسالته في المهجر، فهو يحمل الأفكار والأخلاق والمثُل الإسلامية وعليه أن ينقلها إلى البلدان التي لا تعرفها ـ أما جملة أو تفصيلاً ـ بل وكل غربي مشتاق إلى التعرف على المسلم وأفكاره ومعتقداته وطقوسه. وعلى هذا النحو دخل الإسلام الدول الأوروبية وغيرها. وعبـر التجار المسلمين الذين ذهبوا للتجارة وكسب الأرباح. فالتاجر المسلم يسعى في المرحلة الأولى لتطبيق مناسكه وطقوسه الدينية من صلاة وعباده وحجاب وآدابه في المأكل والملبس و…

وفي المرحلة الثانية وعبـر اتصالاته ومعاشرته مع أهل البلد يسعى لتعريف وتوضيح مبادئه ومعتقداته. وكما ذكرنا سابقاً هناك أمور يعرفها المجتمع الغربي، ويفهمها جيداً، مثل حقوق الإنسان، واحترام الحيوان، وعدم إيذاء الآخرين، واستعمال العنف والإرهاب وما إلى ذلك. فالمسلم الذي تعلّم منذ الصغر أن النبي (ص) قال: (المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه) وقال: (من آذى ذمياً فقد آذاني) و… يفهم جيداً انه لا يمكن أن يؤذي أحد ـ من انس وغيره ـ بل ويحترم مشاعر الآخرين والرأي الآخر ـ وإن كان جارحاً ـ.

وعليه أن يحترم مجتمعه والقوانين ومتطلبات الزمان والمكان والتأدب بآدابهم، وفي الحديث عن علي (ع) لولده الحسن (ع): (يا بني، إذا دخلت بلدة فتأدب بآدابها).

والمهاجر الذي دخل بلد الاغتراب مهما كانت الدوافع والأسباب يسعى وبكل جهده ـ وإن كان لا يعلم الكثير من المبادئ والمُثل لأن يمارس طقوسه الدينية بحرية كاملة ومن دون منع من أية جهة، ويتمكن من أعلام ذلك والتبليغ عنه، كما يفعل غيره من الملتزمين بالمبادئ الأخرى كالمسيحية واليهودية و…\

والقول بان معلوماته قليلة عن الإسلام ولا تفيد للطرح والمناقشة مرفوض، لأن المستمع أيضاً بـرأيي في معلوماته عن الإسلام ومُثُله العليا.

بالإضافة إلى أننا ندعوا المهاجر إلى الاتصال بأقرب مركز إسلامي أو عبـر شبكة الانترينيت إلى المواقع الإسلامية الكثيرة والغنية بالمعلومات والأفكار والسخية في مجال التبليغ الإسلامي. بل وندعوه إلى التعرف على الجاليات المسلمة ومشاركتهم ـ والمراكز الإسلامية ـ في العمل الإسلامي الهادف في سبيل أعلاه الكلمة.

وبعد فترة تعليم اللغة والتعرف على المنطقة يجب أن لا ينسى المهاجر أهدافه وقضيته التي جاء بسببها أو من اجلها، وان يعرف أنه رسول السلام والإسلام إلى تلك المنطقة.

وعلينا أن لا ننسى العون الإلهي الذي وعدنا اللـه به في الكتاب العزيز والأحاديث القدسية، والتي منها: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) و(اذكروني أذكركم) و(أنا جليس من ذكرني) و…

أما أنه كيف ومن أين يبدأ؟ فهذا راجع إلى شرائط المهاجر والمهجر، نعم هناك بعض الأمور نلفت نظره إليها:

1ـ التركيز على تعليم اللغة وعدم التسامح فيها.

2ـ تطبيق المبادئ والمناسك في نفسه وأسرته.

3ـ دراسة مقدار الوعي والفهم السياسي لسكان المنطقة.

4ـ عدم التسرع في الدعوة ـ كماً وكيفاً ـ وان تكون الدعوة على مراحل حيث يكون الاستيعاب.

والمطلوب الحديث والتبليغ حسب العقول ومقدارها، فان الباري تبارك تعالى لم يبعث نبياً إلا بلسان قومه، وقال رسول اللـه (ص): نحن معاشر الأنبياء امرنا أن لا نكلم الناس إلا بقدر عقولهم.

5ـ التركيز عل النقاط الإنسانية التي يفهمها الناس.

6ـ عدم الاستعلاء في المجتمع، فان الناس ـ بطبيعة الحال ـ يرفضون من يتعالى عليهم، وبالعكس فانهم إذا رأو المسلم فيهم ومعهم سوف يثقون به، وهنا نقطة البدئ.

7ـ عدم طرح ما يسيء إلى سمعة الإسلام، أو مالا يتحمله ذلك المجتمع، أو ما لا يملك المهاجر الأدلة الكافية لفهمه واستيعابه.

8ـ تحصيل الكتب وتوزيعها بأسلوب غير مثير، بل ومميز، ويمكن تحصيلها عبـر المراكز الإسلامية في المهجر، أو مكاتب المرجعيات الشيعية المتوفرة في لبنان و سوريا وإيران و…

9ـ أيجاد جو المصالحة مع اللـه سبحانه وتعالى حيث يتم الارتباط.

10ـ استخدام أسلوب اللاعنف في النهج الرسالي وكذلك في الحياة الاجتماعية و….

وبالطبع هناك أساليب مختلفة للدعوة يمكن تحصيلها عبـر الأصدقاء والمراكز الإسلامية أو عن طريق التجربة وعلى أية حال، فالمهاجر المسلم هو أحد الدعاة إلى اللـه والصراط المستقيم وهو حجة على غيره ومسؤول عن الدعوة والعمل الإسلامي الهادف.. انه ولي التوفيق