النقد الذاتي دليل الثقة

صادق عبد الحسين (امريكا)

ان ننقد الاخرين، فذلك امر سهل جداً، تعودنا عليه منذ نعومة اظفارنا يوم كنا نتهم المعلم ب  (العداوة) معنا كلما رسبنا في الامتحان، اما ان ننقد انفسنا فذلك امر صعب جداً يرقى في اكثر الاحيان الى درجة المستحيل، لماذا؟ لان ممارسة النقد الذاتي يعني ان تبحث عن اسباب فشلك ثم تحاسب نفسك وتحملها مسؤولية الاخفاق او الخطأ الذي ارتكبته، اما محاسبة الاخرين تتحمل وزر اي خطأ او انحراف او حتى تقصير مجرد تقصير.

واذا تساءلنا، ترى من الذي يمارس عملية النقد الذاتي؟ ومن الذي يمارس عملية نقد الاخرين؟

الجواب هو: ان الناجح الحريص المتسلح بالشجاعة، الواثق من نفسه هو الذي يمارس النقد الذاتي، اما الذين ادمنوا انتقاد الاخرين نقط فهم كل الفاشلين اللا اُباليين الجبناء المشككين بانفسهم وبطريقتهم في العمل.

ان الذي ينشد النجاح للعمل وللعاملين، وبالتالي لنفسه، هو الذي يحرص على ان يتهم نفسه بالتقصير قبل اتهامه للاخرين، وان الحريص على سمعته ومعنويات العاملين، هو الذي يتوسل لنقد الذات، يبادر الى نقد الذات قبل ان ينقده الاخرون،

 وقبل ان يتهم هو ورفاقه واصدقاءه، وان الواثق من نفسه لا يخشى النقد الذاتي ولا يركن الى التبرير ابداً.

ان الذين يبررون افعالهم مهما كانت خطأ، واقوالهم مهما جانبت الحقيقة والصدق والواقعية، هم الفاشلون في الحياة، لان الخطأ سيكشف عن نفسه في يوم ما وسيشير بذاته ويضع اصبعه على السبب الحقيقي، مهما طال الزمن، فلماذا كل هذا التهرب من النقد الذاتي، ولماذا كل هذه المحاولات المستميتة لاخفاء الحقيقة وتبرير الخطأ.

ان الذي ينشد النجاح والتقدم والعزة عليه اولاً ان يدع الحجج والاغواء الواهية جانباً ويتسلح بالشجاعة والثقة والحرص الشديد على العمل وعلى المنهجية، ليبدأ بتوجيه سهام النقد الذاتي الى صدره حتى يدميه، فيتألم، وبالتالي يتعلم، وشعاره الاية المباركة «ان الانسان على نفسه بصيرة، ولو القى معاذيره». وليتذكر ان محكمة الحق المتعال ستوقف الجميع يوم المحشر وينادي المنادي «وقفوهم انهم مسؤولون» وهناك لات حين مبرر او عذر.