“السلاح لم يحمِ الودائع”.

هذه الجملة سمعها 4 دبلوماسيّين عرب من أعضاء في الجاليات اللبنانية، وهم رجال أعمال من الشيعة، في 4 دول إفريقية أساسيّة. سمعوها بصيغٍ مختلفة، ومن مجموعات متنوّعة، بحكم التواصل اليومي بين الجاليات العربية وبين هؤلاء الدبلوماسيّين ورجال الأعمال وأصحاب المصالح الكبيرة.

أحد رجال الأعمال قال لأحد الدبلوماسيين: “لدينا 40 مليار دولار تبخّرت في المصارف، ولا يستطيع السلاح حماية إرث آبائنا وثروات أولادنا وأحفادنا”.

ربّما يكون رقم “40 مليار دولار” مبالغاً فيه. وربّما يكون قريباً من الحقيقة. هذه تفاصيل في علم الغيب المصرفيّ اللبناني. لكنّ الأكيد أنّ هناك إحساساً بالفقدان والخسارة، وبأنّ ما ظنّه هؤلاء الشيعة آمناً وبحماية “السلاح”، تبيّن أنّه لا يؤتمن على جنى الأعمار وعلى مستقبل الأولاد. وبات هؤلاء يعرفون أنّ المستقبل لا يُبنى بالصاروخ، وأنّ الحماية لا تكون للأراضي الزراعية فقط، بل أوّلاً وآخِراً لأسباب العيش الكريم، ولتعب السنوات والأجيال الذي كان في المصارف.

لا بدّ من إضافة معطى آخر هنا، وهو أنّ مئات وربّما آلاف الشبّان الشيعة هاجروا إلى بلدان إفريقية خلال السنوات العشر الأخيرة. هؤلاء باتت مقفلة أمامهم أبواب الدول العربية، وأبواب أوروبا وأميركا، ولم يكن أمامهم سوى إفريقيا. وهؤلاء ليسوا ممّن سافروا للاستثمار أو بناء المصانع والشركات الكبرى، بل من الموظّفين الذين ذهبوا يبحثون عن “لقمة العيش”، برواتب عادية، تقيهم العوَز والحاجة، هم وأهاليهم في لبنان. هؤلاء ذهبت ودائعهم الصغيرة، وسحبوها على سعر صرف 3,900 و8,000 ليرة حين كان الدولار بـ10 و15 و20 و27 ألف ليرة.

أيضاً فإنّ هؤلاء وأولئك أقفلت أبواب النظام المصرفي العالمي بسبب شيعيتهم، فباتوا مُلزَمين بالنظام المصرفي اللبناني، الذي أكل ودائعهم وذوّبها وبخّرها.

المزید