هناك لقاءات عديدة (للمسلم الحر) تم من خلالها طرح وجهات النظر الإسلامية الصحيحة ومناقشتها بهدوء قاد في النهاية إلى تقريب وجهات النظر بين الإسلاميين وغيرهم 

في حوار صريح وهادف مع المرجع الديني أية الله العظمى السيد محمد سعيد  الحكيم(دام ظله)

المفروض تجنب العنف وتناسي الخلافات واحترام الرأي الآخر

سئل سماحته: انه تشنّ على الشيعة حملات دعائية مكثفة ومن اطراف متعددة، فكيف يمكن مواجهتها فكراً واسلوباً.

فاجاب دام ظله قائلاً: هذه الحملة -على شراستها- امر طبيعي متوقع بلحاظ موقف الشيعة المتميز في قول كلمة الحقيقة للحقيقة، وانحيازهم عن المسيرة العالمية التي تسيطر عليها قوى الشر… فلابد للشيعة ان يوطنوا انفسهم على مثل هذه الحملة ويتهيؤا لها… وعلينا في مواجهة هذه الحملة:

1- ان نتجنب العنف بجميع مظاهره، فانه نقطة ضعف، تضر بصاحبها، بل تستغل ضده، وتضخم عليه، وقد تنجم عنه مضاعفات غير محمودة، بل قد يكون بنفسه تعدياً عن الميزان الشرعي.

وعلينا ان نتحلى بالصبر والوداعة، وهدوء الطرح وسجاحة الخلق، فان ذلك من اداب ائمتنا عليهم السلام وشيعتهم.

2- الثقة بالنفس نتيجة شعورنا بأنا على حق..

3- استذكار تاريخنا المشرق في الصبر والثبات على المبدأ والاصرار على السير في طريقه في مراحل مختلفة..

4- الاهتمام بالدعوة والحوار، وبيان وجهات النظر، وتجديد عرض الادلة، بما يناسب العصر الحاضر مع سعة الافق والموضوعية الكاملة والحفاظ على الصدق، والترفع عن الالتواء والمغالطات والمهاترات..

5- الحفاظ على اقامة شعائرنا، واحياء مناسباتنا ومواسمنا، وطرح مفاهيم اهل البيت عليهم السلام، واحياء امرهم، فان لذلك اعظم الاثر في تجمع الشيعة، وتقاربهم، وتماسكهم، وتذكيرهم بمفاهيهم، وتجديد روح العزم والثبات فيهم..

6- الاهتمام بوحدة الصف، وجمع الكلمة وتخفيف حدة الخلاف وتقريب وجهات النظر والترفع عن التهاتر والتنابز والاتهامات الرخيصة من اجل فرض وجهة النظر على الغير، او من اجل حب الظهور والفات نظر الاخرين.

7- الحذر كل الحذر من الدعوات المنحرفة او الانهزامية، فان في ذلك القضاء على الكيان الشيعي المتكامل وتمييع مفاهيمه، بل هي دعوات مشبوهة قد يكون الغرض منها الالتفاف على مذهب اهل البيت عليهم السلام واغفال اتباعه عن حقيقته، لينفلتوا منه ويتخلوا عنه من حيث لا يشعرون.

فيجب الوقوف ضدها وضد مدعيها بحزم وحكمة -الى جانب العلماء الاعلام- لانها اخطر كثيراً من الدعوات المضادة الصريحة. نعم، لا ننصح باستعمال العنف في ذلك وغيره..

8- علينا تأكيد الارتباط بالله تعالى وشد انفسنا به، لنكون مشمولين بعنايته مرعيين برعايته فانه خير الناصرين.

وسئل سماحته عن الساحة الشيعية وانها تحتوي على مختلف الآراء والاتجاهات، فما هي توجيهاتكم لشيعة اهل البيت(عليهم السلام) في كيفية تعايشهم فيما بينهم؟

فاجاب دام ظله:

اولاً: يجب ان يكون اتخاذ القرار والتوجه لخصوص بعض الاتجاهات دون بعض مبتنياً -بعد الالتجاء لله تعالى في التوفيق والتسديد- على التثبت والتروي وملاحظة رضا الله تعالى، وصلاح الدين والمؤمنين، واداء الوظيفة الشرعية، بعيداً عن الدوافع الخارجية، والمصالح الفردية، والرغبات الشخصية، والتعصب، او التقليد الاعمى، فان الامر كله لله تعالى…

والحذر من تسويل الشيطان وتلبيسه، حيث قد يوهم الانسان -من اجل ان يشقيه او يلقح الفتنة بين المؤمنين ويشق كلمتهم- بانه يطلب في وجهته رضا الله والمصلحة العامة، وقد يستطيع الدفاع عن وجهة نظره بمعسول الكلام، مع انه لو رجع الى قرارة نفسه مدفوعاً بدافع اخر..

ثانياً: يلزم استبعاد الشدة والعنف في فرض وجهة النظر على الغير، واحترام وجهة نظر الاخرين، لا بمعنى تنازل الانسان عن وجهة نظره وما يراه حقاً وصلاحاً من اجل وجهة نظرهم، بل التعامل بتعقل ورزانة وموضوعية وسعة صدر، ومحاولة تخفيف حدة الخلاف وتقليل نقاطه وتقريب وجهات النظر مهما امكن، وفسح المجال للكل في ان يؤدي دوره في خدمة الطائفة وفق قناعاته.

ثالثاً: الحذر ثم الحذر من ان يجر اختلاف وجهة النظر لانتهاك حرمة المؤمن في بدنه او عرضه بالافتراء والتشنيع والتشهير..

رابعاً: اختلاف وجهات النظر لا يمنع من التعاون والتنسيق والاحترام المتبادل مادام في حدود الاجتهاد المسموح به، وهو الذي لا يتعدى ثوابت المذهب الحق التي اقتضتها الادلة القطعية واقرتها رموز الطائفة..

وسئل دام ظله عن الصيغة الصحيحة لتعامل المسلمين فيما بينهم.

فاجاب سماحته: ينبغي لهم:

اولاً: ان يعمقوا الشعور في انفسهم بوجوب التلاحم بينهم من اجل الحفاظ على الكيان الاسلامي العام وتقويته، فان هذا في نفسه واجب شرعي في حق الكل نتيجة انتمائهم للاسلام، وايمانهم بأن الدين الالهي الحق الذي لا يقبل الله تعالى من العباد غيره.

كما انه اللازم في المرحلة المعاصرة بلحاظ خطط الاعداء واصرارهم على مقاومة الاسلام باطاره العام، وابعاده بتشريعاته عن واقع الحياة، ومحاولة تجريد ابنائه منه، ومحاربة المسلمين -ككل- اينما وجدوا وكيف كانوا، واضعافهم، وعرقلة مسيرتهم، وشق كلمتهم، والقاء الفتنة بينهم، وتجاهل حقوهم والتغاضي عنها، والتصام عن سماع صوتهم… وكفى بهذا محفزاً للمسلمين على اختلاف مذاهبهم للتلاحم والتكاتف، وان يزيلوا العقبات في سبيل ذلك، متناسين خلافاتهم التي لا يزيدهم التقاطع والتناحر من اجلها الا ضعفاً ووهنا.

ثانياً: ان يتعايشوا فيما بينهم بموضوعية واحترام متبادل… وعليهم مراعاة النقاط التالية:

1- فهم واقع كل طرف على حقيقته، بأخذ معتقداته وافكاره من مصادره وكتبه التي يعترف بها، لا من مصادر الاخرين وكتبهم، والتعرف على سلوكياته من مخالطته والتعايش معه، ونقد وتمحيص الصورة المشوهة التي رسمت له نتيجة التراكمات الكثيرة في العصور المتطاولة بسبب التعصب والتباعد، والتشويه المعتمد وغير المعتمد.

2- اعتماد كل طرف في بيان وجهة نظره والاستدلال عليها بالطرق العلمية وبموضوعية كاملة، ومناقشة وجهة نظر الاخرين على هذا الاساس ايضاً، وتجنب التنابز والتهاتر والتهريج والتشنيع ونحو ذلك من المواقف الانفعالية… واستمرار الحوار بين الاطراف على هذا الاساس.

3- نشر افكار كل طرف -في العقيدة والفقه والتربية والتاريخ وغيرها- في وسائل الاعلام التي يمتلكها كل فريق، ليطّلع الكل على ما عند الكل.

4- اعطاء الحرية لكل احد فيما يختار من معتقدات وافكار في الاطار الاسلامي العام، من دون ان يفرض عليه افكار الاخرين او يجبر على التنازل عن افكاره او معتقداته.

نعم، لا بأس بالحوار الموضوعي الهادئ حول ما هو الحق الحقيق بالفوز والنجاة.

5- ان يتصدى دعاة التقريب من كل مذهب لمن يخرج عن هذه التعاليم من ابناء مذهبه وينكر عليهم سوء تصرفهم، حتى يشعروا انهم في مواجهة داخلية ويتنبه اهل مذهبهم الى الخطأ…