أفادت مصادر بريطانية ان ثمة محاولات تجري حالياً لاقالة البروفيسور المصرية الاصل منى بكر من «معهد جامعة مانشستر للعلوم والتكنولوجيا» (يومسيت) وذلك لاعفائها اثنين من الاساتذة الاسرائيليين من عضوية هيئة تحرير مجلتين متخصصتين تشرف عليهما. غير ان متحدثاً باسم كبرى نقابات الاساتذة الجامعيين في بريطانيا اكد لـ«الشرق الاوسط» ان النقابة تؤيد البروفيسور بكر وتعتبر ان قرارها «شجاع وصائب». واذ اعتبر «الاتحاد الوطني للطلاب» في بريطانيا اقالة الاكاديميين الاسرائيليين نوعاً من «التمييز» على أساس القومية، فقد نُسب الى ادارة جامعة مانشستر قولها ان لاعلاقة لها بقرار اعفاء الاستاذين الذي صدر عن البروفيسور بكر.

وتواصلت تداعيات قضية التخلي عن خدمات البروفسور جدعون توري والدكتورة ميريام شليسينغر الاستاذين في جامعتين بتل ابيب، تسليط الضوء على حملة مقاطعة المؤسسات الاكاديمية الاسرائيلية، التي اكد مهندسها الرئيسي البروفيسور ستيفن روز لـصحيفة «الشرق الاوسط» اللندنية، انها «تؤلم».
وفيما تعذر الاتصال بالبروفيسور بكر التي ترأس «مركز دراسات الترجمة والتواصل الثقافي» في «يومسيت»، وتبين أن هاتفها في العمل المثبت على موقع المركز على شبكة الانترنت «معطل»، فقد قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية : ان الاكاديمية المصرية تلقت مئات الرسائل النابية بالبريد الالكتروني. ونسبت اليها «الغارديان» قولها « اذا نجحوا في محاولاتهم الحالية لاخراجي من يومسيت (المعهد)» فان ذلك سيمثل مساساً بالحرية الاكاديمية.ونُقل عن بكر قولها «أتلقى أنا وزوجي يومياً ما لا يقل عن 50 (رسالة) كراهية يومياً، بعضها في منتهى البذاءة». وأضافت ان رسائل مماثلة «توجه الى جامعتي، والى رئيسها وبعض زملائي، وهم (أصحاب الرسائل) يهددون الناس». وزادت «هناك آلة تخويف كبيرة وهي بانتظار تخويف أي لا ترضى عنه».
ومن جانبه أكد ناطق باسم «جمعية أساتذة التعليم العالي» في بريطانيا (ناتفيه) أن النقابة تؤيد خطوة البروفيسور المصرية الاصل. وأضاف توم ويلسون، رئيس قسم الجامعات في النقابة انها (النقابة) قد وجهت اليوم رسالة الى صحيفة «الغارديان» البريطانية بهذا المعنى. وزاد ان الرسالة التضامنية تنص على ان «الجمعية تؤيد البروفيسور بكر وتعتبر أنها كانت شجاعة وصائبة». واردف ان «الجمعية تؤيد (حملة) المقاطعة لأن اسرائيل لا يمكنها الادعاء بأنها تحرص على الحرية الاكاديمية في الوقت الذي تدمر فيه الجامعات الفلسطينية». وقال ان «حملة المقاطعة لا تعني قطع العلاقة مع الاكاديميين الاسرائيليين جميعاً، خلافاً لما يشاع»، بل هي مقاطعة للمؤسسات الرسمية.

وتابع ان «المقاطعة هذه تستمر فيما يتواصل العمل (من قبل البريطانيين) مع الفلسطينيين ومع أفراد اسرائيليين يعملون في الحقل الأكاديمي، كما ان هناك تعاونا بين الطرفين». والجدير بالذكر ان البروفيسور بكر أصرت على أنها لا تعادي الاسرائيليين كأفراد وأن الاكاديميين المذكورين كانا صديقين شخصيين لها، بل تعارض مؤسسات دولة الاحتلال أشد معارضة. ولفتت الى ان «كثيرين في اوروبا وقعوا (العريضة المطالبة) بمقاطعة اسرائيل». كما أشارت الى ان عشرة اسرائيليين باركوا حملة المقاطعة التي اطلقها البروفيسور اليهودي البريطاني ستيفن روز. الا ان رئيسة «الاتحاد الوطني للطلاب» البريطانيين ماندي تلفورد قالت لـ«الغارديان» ان منظمتها «تقف بصلابة ضد كل اشكال التمييز. وهذا (قرار الاعفاء) هو اساءة للحرية الاكاديمية» موضحة أن ذلك قد يسيء الى معهد «يومسيت». غير أن رئيس المعهد البروفيسور جون غارسايد اكد أن موقف المؤسسة الاكاديمية هو ان «المجلتين اللتين تشرف عليهما البروفيسور بكر لا علاقة لنا بهما». وأضاف ان الجامعة «تتعاطى مع القضية داخلياً، وهذا أمر لا أرغب بالتعليق عليه في هذه المرحلة».
وفي رد على سؤال حول مدى تأييد لقرار البروفيسور بكر الاستغناء عن خدمات البروفيسور توري والدكتورة شليسينغر، اللذين كانا لثلاث سنوات عضوين في هيئة تحرير مجلتين صادرتين عن معهد جامعة مانشستر للعلوم والتكنولوجيا (يومسيت)، قال البروفيسور روز لـ«الشرق الأوسط» إن «بكر قد وقعت العريضة (المنشورة في صحيفة «الغارديان» البريطانية قبل اشهر) ومن حق الاشخاص ان يفسروا (الدعوة لمقاطعة المؤسسات الأكاديمية الاسرائيلية) بالطريقة التي يرونها مناسبة». وأردف ان «اتخاذ القرار بخصوص اسلوب المقاطعة غالباً ما يكون ذا سمة اخلاقية، مما يجعله قراراً صعباً».
وعما اذا كان يشعر بالأسف لتطبيق قرار المقاطعة ضد البروفيسور جدعون الذي كان ولا يزال ناشطاً في سبيل السلام ومناهضاً لسياسات شارون، اكد روز «لا اعرف شيئاً عن هذين الأكاديميين بالذات». واضاف «ان هناك زملاء واصدقاء في اسرائيل يناهضون سياسات شارون، وهؤلاء يستحقون الدعم الممكن». بيد انه اردف «للأسف هذه طبيعة المقاطعة (مهما كانت) فهي تؤلم، الامر الذي يعني انها قد تتمخض عن اجراءات تدعو الى الاسف». وزاد العالم اليهودي «اعرف زملاء ذهبوا الى مؤتمر علمي في استوكهولم ايام كان نظام العزل العنصري لا يزال يحكم جنوب افريقيا، وكانت هناك مقاطعة اكاديمية لمؤسسات الدولة العنصرية». وتابع «لقد رووا لي ان زميلاً جنوب افريقياً حثهم شخصياً على مقاطعته لأن هذا الاجراء يؤذي النظام العنصري الذي يعارضه ذلك الزميل».