يتمحور البحث الأول بقلم هيلما لوتس حول المناقشات التي دارت بشأن الحجاب في هولندا وتقول بأن الصحف المحلية تناولت الموضوع بين عام 1989 و1994 مائة مرة تقريبا، وتعطي مثال مدير مدرسة أعاد إحدى تلميذات مدرسته إلى البيت لأنها جاءت مرتدية الحجاب. وتنقل تبرير المدير القائم على “إيمانه التام بالمساواة بين المرأة والرجل وقطعة القماش على الرأس علامة صارخة للظلم الذي تعانيه المرأة في الإسلام”!!

وتضمن هيلما لوتس بحثها شهادات من مهاجرات شابات مسلمات، بعضهن يرتدين الحجاب والبعض الآخر لا يرتديه، وتسألهن عن مواقفهن وآرائهن بخصوص اللباس الإسلامي وهويتهن. ثم تحلل مسألة الهوية بشكل خاص وتقول بأن زمننا هذا بحاجة إلى مفهوم جديد للهوية يغطي عمليات التغيير المستمرة التي يعيشها الفرد والمجتمع، والمهاجرات الشابات أحسن مثال على ذلك.

وتركز مونيكا زالتسبرون على النساء القادمات من شمال أفريقيا وغربها المقيمات في فرنسا. فبينما كان الإسلام الأنثوي غير مرئي تقريبا رغم الوجود الطويل للمهاجرين المسلمين في فرنسا في المساحات العامة حتى الثمانينيات، تلاحظ زالتسبرون أنه في السنوات الأخيرة تصاعد بروز مبادرات نسوية لتجسيد الدين الإسلامي في الحياة العامة. فيحاول جزء من النساء الشابات ذات الأصول المغربية مزج الخلفية الدينية لوطن الأهل بعالم الحياة في فرنسا ويسعين إلى تجاوز التنقاضات التي تظهر لهن. وتوجد كثير من النساء اللواتي يعود أصلهن إلى دول أفريقية جنوب الصحراء الكبرى على شكل مجموعات مستقلة يكسبن من ارتكازهن على الإسلام عاملا مهما جدا لكي يحددن موقعهن داخل الخارطة السكانية في فرنسا. وهن لا يجاهدن من أجل رفع صفة الغريب/الغريبة عن أنفسهن، بل يسعين عبر الإسلام إلى تعريف هذه الغربة بوضوح.

وباستعراض مقابلات أجرتها مع نساء مختلفات، تقول الباحثة في خلاصة بحثها (ص 77) “يعد الدين عاملا مساعدا حاسما في بناء الهوية وفي المطالبة بمساحات اجتماعية جديدة في سياق المجتمع المهاجر، ولم تعد المسألة متعلقة بالانسحاب من الحياة العامة إلى الحياة الخاصة بل بإزالة الخصوصية عن الدين والذي يؤدي إلى وجود ملحوظ في الحياة العامة بالإضافة إلى المؤشرات الإسلامية”.

وتتعمق نانسي فينيل في سيرة حياة طالبات جامعيات مسلمات في فرنسا من اللواتي يرتدين الحجاب ويؤكدن انتماءهن إلى الإسلام من جهة وإلى الثقافة الفرنسية من جهة أخرى. وهن يقفن بذلك أيضا بين مطالب الأهل والوسط الاجتماعي الفرنسي. وتتكلم الباحثة عن “إسلام فرنسي” تعتبره خلاصة تجارب العنصرية والاختلاف، ولكن أيضا الشوق نحو الاستقلال والاعتراف من الآخرين.

وتتناول غردين يونكر اشتراك نساء الجيل الثاني من الأجانب في برلين في فعاليات المساجد المتمركزة في المدينة. وتقول الباحثة بأنه من الملاحظ ازدياد نشاط النساء في المساجد التركية. والمؤشر الواضح على ذلك هو تخصيص غرف مستقلة لهن. ويعرض هذا البحث الميداني الأشكال المختلفة لنشاطات النساء الدينية كالدروس مثلا والمبادرات التي يقمن بها ضمن الجالية، والنفوذ الذي يمارسنه داخل المنظمات التركية الإسلامية.

وتعالج باربرا بوش في بحثها المناقشات الدائرة بشأن الحجاب في تركيا. وتنطلق الباحثة من المظاهرات التي نظمتها طالبات جامعات تركية للمطالبة بحقهن في ارتداء الحجاب في الجامعة وتظهر علاقات التوتر الموجودة بين الكمالية والإسلامية. ثم تحلل استنادا إلى الظروف الاجتماعية السائدة الإستراتيجيات المختلفة المتبعة في الكفاح من أجل الحجاب. وترى بوش أن المناقشات الدائرة عن الحجاب هي نتيجة للسياسة الاجتماعية التي تطبق في تركيا منذ عقود. ففي سياق التغييرات الاجتماعية يصطدم المشروع الكمالي للتجديد بتصورات سكان الأناضول المسلمين التقليديين الذين يعيشون أكثر وأكثر نمط الحياة الحديث.

أما بحث أيا بلايكيس فيتمحور حول هويات أنثوية في “القرية المعولمة” وتستند في تحليلها إلى نساء يسكن في قرية واقعة في جنوب لبنان وعلى مهاجرات لبنانيات مقيمات في أبيجان/ ساحل العاج. وترتبط الفئتان بعلاقات اجتماعية وثيقة. وعبر الانتماء إلى حركات سياسية دينية جديدة كحركة أمل مثلا، تخترق النساء الهويات الأنثوية التقليدية المتمثلة في حياة أمهاتهن. وعن الحالة المصرية تقدم الباحثة كارين فيرنر بحثا عن شابات في القاهرة، فتتناول سلوكهن الطريق الإسلامي من زاوية خاصة، من زاوية الحياة اليومية. وتقول فيرنر بأن إمكانيات التطور الفردية الممكنة في الوسط الإسلامي تعد بالنسبة إلى الكثير من الشابات المصريات الطموحات بديلا حقيقيا عن التناقضات الموجودة في شرائح عديدة من الطبقة الوسطى. وتظهر الشابات في وسطهن كعناصر قوية قادرة على حمل مسؤولية اجتماعية، كما أنهن واثقات من أنفسهن تجاه سلطة الذكور المحيطة وكذلك تجاه أزواجهن أيضا.