لقد فعلها  الشعب للمرة الثانية، متجاوزاً ضغوط المحافظين وايحاءاتهم بضرورة عدم اعادة   انتخاب الرئيس الايراني الاصلاحي السيد محمد خاتمي، ملتفتا الى اللعبة الانتخابية التي تقضي بضرورة تشتيت الاصوات على بعض المرشحين اللذين دفع بهم التيار المحافظ بغية الوصول الى نتيجة أقلها حصول السيد محمد خاتمي على نصف الاصوات، لضمان اجراء دورة انتخابية ثانية، وعندها يكون لكل حادث حديث.

لقد كان الشعب واعياً لمثل هذه اللعبة الانتخابية ففوت الفرصة على التيار المحافظ فكان أن فاز رئيس الجمهورية السيد محمد خاتمي بأغلبية 77% على قول.

فقد اتحد الشعب الايراني بمختلف قومياته في اعطاء صوته للاصلاح معلقاً عليه عريض الآمال في امكانية تغيير الوضع الداخلي، وبالخصوص الوضع الاقتصادي الذي بات يمثل كابوساً يجثم على صدر ابناء الشعب الايراني.

لم تكن الدورة الرئاسية الاولى قد مثلت شيئاً ذا أهمية على الصعيد الداخلي فقد انصبت سياسية الرئيس السيد محمد خاتمي في تلك الدورة على الساحة الخارجية، وتحسين صورة ايران الخارجية، وقد افلح السيد خاتمي بدرجة كبيرة في تغييرها.

اما على الصعيد الداخلي فلم يقدم السيد خاتمي شيئاً يمكن أن يعتد به ومع ذلك احسن الشعب الايراني الظن بمعسكر الأصلاح فقد عزى الأمر الى العقبات التي كان التيار المحافظ يضعها في طريق الاصلاح ليحول بينه وبين القيام باصلاحات داخلية من شأنها ان تغير الوضع الحالي المزري للمواطن الايراني، كما انه – الشعب الايراني – مشى مع السيد محمد خاتمي وصدقه في تبريره لعدم قيامه بشيء ملموس على الصعيد الداخلي حين عزى الأمر الى فقدان الصلاحيات الدستورية اللازمة للقيام بالبرنامج الاصلاحي المأمول.

على كل حال لقد اعيد انتخاب السيد محمد خاتمي لدورة رئاسية جديدة من قبل الشعب الذي وضع السيد خاتمي على المحك هذه المرة فلا مجال ولا سبيل لديه لتبرير الاهمال – المقصود أو غير المقصود – للساحة الداخلية الايرانية فصار على السيد خاتمي ان يتحمل مسؤولية مضاعفة إزاء هذه الثقة التي قلبت الحسابات وآراء المراقبين للساحة الايرانية رأساً على عقب.

فماذا بامكان السيد محمد خاتمي ومعسكره الذي يسيطر على الأغلبية في مجلس الشورى الايراني ان يقدم لهذا الشعب المتطلع للأصلاح؟

ان الجمهورية الاسلامية تمر اليوم بمرحلة حرجة جداً، فان أي اهمال للساحة الداخلية، والمعاناة التي يعيشها المواطن الايراني وبالاخص رجال الدين من شأنه ان يدفع الشعب الى رفض كلا من المعسكرين – المحافظ والاصلاحي – وهذا هو مكمن الخطر.

اذن لا بد للسيد خاتمي ومعسكره ان يقدم شيئا للمواطن الايراني؟

البصري