طرحنا في صحيفة السلام استفتاء والاجوبة ترى والكل يناقش المسألة وهي: كيف نقنع الرأي الحاكم بقبول الرأي الآخر؟

وأقول – استكمالاً للمقالات السابقة – ان الديمقراطية ثقافة نحتاج الى معرفتها وتجربتها في آن واحد… فشعوبنا لا يجدون آذان صاغية لبث ومناقشة الديمقراطية الحقيقية…

وأتذكر انني ناقشت التعددية وان الدولة في خدمة الشعب (حقيقة لا شعار) مع بعض المسؤولين في دول اسلامية وكان أول استفهامهم الانكاري هو:

أتريد ان تتمزق البلاد كما حصل في افغانستان؟

فبعضنا يعتقد ان الديمقراطية الحقيقية لا يمكن تطبيقها على الامة الاسلامية من جهتين:

الأولى: ان الاسلام لا يقبل الديمقراطية.

الثانية: ان الأمة غير مستعدة لتقبل مثل هذه الفكرة.

ولا يريد  هذا البعض ان يتعب نفسه في قراءة تاريخ الاسلام المشرق ويتصفح كتب السيرة العطرة حتى في زمن الخلفاء بعد رسول الله (ص).

فالاسلام ديمقراطي في الأصل والفرع بما للكلمة من معنى!!

في الاسلام التشريع لله فحسب ولا حكم إلا له، لكن تطبيق هذا القانون الالهي لا يمكن إلا في ظل الديمقراطية والتعددية. والرسول (ص) أول من أقر بالتعددية في قضية المؤاخاة بين المهاجرين والانصار وعدم اندماج كل منهما في الآخر.

والاسلام أول من شرّع الشورى والتعددية في آيات عديدية منها:

[وأمرهم شورى بينهم] و [كُلاًّ نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك].

والاسلام أول من رفض ولاية الانسان على الانسان، ولا ولاية على الشعب والأمة إلا للرسول (ص) والأئمة المعصومين (ع) وفي زمن الغيبة الفقهاء الامناء لا الولاة.

والخلط بين ولاية الفقهاء وولاية المعصومين (ع)  لا يقول به إلا القليل من الفقهاء، كما ان شورى الفقهاء أيضاً لا يقول به إلا القليل.

فكيف بنا لا نأخذ بقانون شورى الفقهاء المراجع الذي هو الأصح حسب نصوص الولاية (كما يقول أصحاب ولاية الفقيه) وأدلة الشورى (كما يقول القرآن الكريم وأقوال المعصومين (ع)  في أن المجمع عليه لا ريب فيه) ونأخذ بالخلط بين ولاية الفقيه مع ولاية المعصوم (ع)  مع ان النصوص الكثيرة تقيّد الفقيه في موارد كثيرة مذكورة في الوسائل والمستدرك وجامع أحاديث الشيعة وبحار الأنوار و…

الحكم في ظل الاسلام هو العمل بالديمقراطية الحقيقية بل وأكثر من ذلك.

أما الجهة الثانية، وهي عدم تقبل الأمة بنظرية الديمقراطية، فهذه كذبة سياسية جاءت لاخماد تطلعات الأمة الاسلامية.

وكيف لنا ان نتهم الله سبحانه تعالى في أنه خلق الأمة الاسلامية متخلفة وبقية الأمم واعية في قبول الآخر وأفكاره والتعايش معه؟

أليس هو ظلم وافتراء على الله سبحانه وتعالى؟

مع أنه القائل والمؤكد في الآية الكريمة: [وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا..] والتعارف هنا هو الاعتراف بالشعوب والقبائل لا المعرفة بتفاصيلهم…

وان الاسلام أقر بما في الأديان السابقة مع ان الانحراف واقع فيهم، ومع ذلك أقر الاسلام بما لديهم واعترف بهم وصدّق عقودهم ومواثيقهم وأحكامهم…

والمشكلة في تصوري تكمن في الرأي الحاكم في بلداننا، فانه – ربما، ولا أظلم أحداً على الاطلاق – يخافون على العرش والعريشة، ويتصورون ان الديمقراطية تسحب البساط وتجعل عاليها سافلها (!!) ولذلك لا يخضع حتى للاسلام…