يبدو ان الصهاينة يمارسون دور ذلك الشخص الفرنسي – المفكر – الذي كان من اشد المعارضين لاقامة برج إيفل في العاصمة الفرنسية باريس حيث كان يقضي معظم اوقاته في مقهى البرج، فقد كان يجيب حين يسأل عن ذلك بانه المكان الوحيد الذي لا يمكنه رؤية برج إيفل من خلاله. والصهاينة اليوم لا يرون أو انهم يتغافلون عما يقومون به من دور في تشويه الحقائق، هذه المهمة التي طالما أجادوها على مر العصور، فما هو حلال عليهم حرام على غيرهم خاصة اذا كان يمس التراث الصهيوني سواء كان حقيقياً أم مزعوماً. فقد وضعوا حول هذا التراث دوائر حمراء لا يمكن لأحد ان يلجها، وإلا فالتهم الجاهزة في انتظاره، من قبيل تهمة العداء للسامية هذا العنوان طالما استخدموه لأرهاب المفكرين ومنعهم من ولوج ساحة التراث الصهيوني الذي يحلبون العالم باسمه.

ومن اهم فصول التراث الصهيوني الذي يعد مصدراً لدر الاموار هو فصل محرقة اليهود على ايدي النازيين والمسمى بـ (الهولوكوست) فهذا الفصل الدرامي المفبرك لا يتسنى لاحد ان يضع يده على خيوطه، فيجب على العقل – وفق الرؤية الصهيونية – ان يتوقف عن التفكير حين يصل الى هذا الفصل، ولقد دفع المتمردون – في عرفهم – ثمن تمردهم باختلاق مختلف التهم، ولم يكن بعيداً عنا ما دبر للمفكر الاسلامي الفرنسي روجيه جارودي.

واليوم تعاد نفس القضية ولكن المتمرد فيها شخص آخر غير روجيه جارودي ألا وهو المؤرخ البريطاني الكبير ديفيد إيرفينغ.

لم يكن إيرفينغ قد اقترف ذنباً سوى انه تناول بالتحقيق والدراسة المحرقة الصهيونية المزعومة المسماة بالهولوكوست، فما ان باشر المؤرخ ببرنامجه حتى تحركت التهم – من خلال القضاء البريطاني – ضده بتهم شتى.

فقبل 14 شهراً صدر ضده حكم بالأدانة بتهم عديدة هي:

1 – «التلاعب بالأدلة التاريخية وتشويهها».

2 – إنكار المحرقة النازية.

3 – معاداة السامية.

4 – الاتصال مع منظمات عربية إرهابية.

وعلى الرغم من قيام إيفرينغ بالدفاع عن نفسه شخصياً فقد صدر الحكم ضده بدفع تعويضات مالية كبيرة تقدر بمليوني جنيه إسترليني، فكان ان اضاف الحكم بالتعويض على إيفرينغ قناة جديدة لاستنزاف الاموال الطائلة باسم محرقة الهولوكوست صبت في صالح الصهيونية، ومشاريعها الاستيطانية والارهابية ضد الفلسطينيين.

يجدر بالذكر إن إيفرينغ من المتنبئين بسقوط الكيان الصهيوني من تلقاء نفسه، ما دفعه الى دعوة الفلسطينيين للتفاؤل بهذه النتيجة التي توقعها ورجحها بقوة.

أقول هل يتوقف هذا الفصل المسرحي عند هذا الحد؟ وهل يظل القضاء في الدول الغربية تابعاً للصهاينة ولو كان الأمر متعلقاً بمواطني تلك الدول؟

هذه الاسئلة بحاجة الى أجوبة يقدمها لنا القضاء الغربي