بسم الله الرحمن الرحيم

وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون صدق الله العلي العظيم

ان من مصاديق الرقي والسمو التي خص الله سبحانه وتعالي بها البشر الانسانية، فيقول عز من قائل (ولقد خلقنا الانسان في احسن تقويم)، وهذه الحسنى كانت في طليعتها المشاعر والاحساس والتأثر بالآخرين من المخلوقات، سواء كانت مخلوقات بشرية او حيوانية او نباتية.

ولقد خص العليم الحكيم بالبشر الانسانية، مرتقياً بذلك على بقية مخلوقاته، لتكون عنواناً للالفة والرحمة والتسامح والحب والتعاون، وهي صفات جبل عليها البشر منذ ان خلق الله ابانا ادم عليه السلام، لذا باتت من صفات الانسان ان يكون اجتماعياً ومتعاوناً مع اقرانه من البشر، فشيدت الحضارات وأسس البلدان وبات الانسان يبسط نفوذه بشكل مطلق على كوكب الارض الذي اختاره الخالق سكنا له.

ويدرك القاصي والداني ان ما توصلت اليه البشرية لم تكن لترى النور لولا قضية جوهرية لا مناص عنها، الا وهي التعاون والتكاتف والتعاضد بين الناس، املاً في الازدهار والاستقرار والامن والامان، وهذا التعاون ما كان ليكون الا ان فطن الناس لأهميته، وخص العزيز الحكيم بذلك قوله، (وتعاونوا على البر والتقوى)، لما للتعاون من تأثير قاطع في حياة الناس.

واذ تنفرد منظمة اللاعنف العالمية (المسلم الحر) بهذه الديباجة عما سلف من خصائص وطبائع انسانية، رامية بذلك الاشارة الى الذكرى السنوية ليوم العمل الانساني، والذي اقرته الهيئة الدولية للأمم المتحدة في التاسع عشر من شهر آب/ اغسطس من كل عام، الذي يمثل يوماً بالغ الاهمية في المجتمع الدولي نظراً لما ينسحب عليه من اذكار وافكار وتوجهات نبيلة تسعى للتذكير بقيمة الانسان الكونية وطبيعته الاجتماعية.

فالعمل الانساني ينسحب على جميع مفاصل اخلاق الانسان وطبائعه الخيرة، وايضاً ينسحب على ضرورة وجوده وبقائه على الكوكب، فلولا هذا السلوك الاجتماعي لما استمرت الانسانية ولإنقضت منذ دهور.

الا ان هذا العمل المحمود ماكان ليكون ان لم يستند على جملة من المفاهيم والمعتقدات التي اقرها الانسان وعمل بها، وان كانت تنحسر تارة وتمتد تارة أخرى، حسب ظروف كل جماعة او مجتمع او شعبا او أمة، فالعدل والانصاف والتسامح والإيثار والقبول بالأخر ونبذ العنف والحوار كلها مجتمعة ثقافة كانت ولا تزال ركيزة اساسية من ركائز العمل الانساني، وهي منطلق رئيسي لكل جهد خير يسعى لرعاية الانسان وما خلق الله على الارض من دابة.

وقد ترجمت تلك الثقافة على مر العصور بالكثير من المصطلحات الدالة عليه، واوسعها انتشاراً في عصرنا الحالي مصطلح النظم الديمقراطية، وهو معيار صريح لوضع الشعوب ومقياس لدرجة ثقافة العمل الانساني بين افرادها، الامر الذي يتطلب اتاحة مقومات العمل الديمقراطي للوصول الى درجات العمل الانساني، مما يضمن الرخاء والاستقرار والانسجام بين المجتمعات والشعوب على حد سواء.

ومن هذا المنطلق تدعو منظمة اللاعنف العالمية (المسلم الحر) الشعوب الحرة بما يمثلها من انظمة سياسية الى التركيز على ترسيخ المفاهيم الديمقراطية بكافة تفاصيلها نظراً لمردودها على سلوكيات الافراد والجماعات ذات الابعاد الايجابية، والتي تحث بشكل مباشر على اشاعة العمل الانساني البناء والهادف الى المساعدة والتكاتف والمبادرة الى عمل الخير بشكل ذاتي، سواء كان هذا العمل ينفع الشعب نفسه او الشعوب الاخرى المحتاجة الى الدعم والمساعدة.

حاثة في الوقت ذاته منظمات المجتمع المدني الى تكثيف جهودها في نشر مفاهيم العمل الانساني لدى الافراد والجماعات في مختلف البلدان والمجتمعات الانسانية على ارض البسيطة.

والله ولي السداد والتوفيق