تتطلع الشعوب البشرية الى الديمقراطية كوسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية في الأوطان، ولضمان العدل والمساواة وحقوق التعبير والمعارضة وأخيراً وليس آخراً وصول من يرى فيه الغالبية الاصلح لأدارة شؤون العباد والبلاد.

وقد افرد لأهمية هذا المعيار العالمي يوماً دولياً للديمقراطية، على امل نشرها وتعميمها في الأقاليم والقارات ومختلف بلدان العالم، خصوصا بعد ان اثبتت التجارب الإنسانية منذ تشكيل الحضارات الأولى ان غياب الديمقراطية في الأمم اسهم بضياعها وتقهقرها الى جانب تردي أوضاعها الإنسانية كافة.

فالاستبداد والاستئثار بالسلطة والديكتاتورية في اتخاذ القرار دون مشاركة الاخرين واستشاره الشعب في مختلف الشؤون، كان سبباً في بؤس الشعوب على مر التاريخ، وسبيلاً لاستعباد الافراد ومصادرة الحقوق المادية والمعنوية.

وإذ يحل على المجتمع الدولي اليوم العالمي للديمقراطية، في الخامس عشر من أيلول/ سبتمبر كما هو متفق عليه، لا يزال الجزء الأعظم من الشعوب البشرية تحت وطأة الديكتاتوريات والسلطات الاستبدادية، لا سيما بلدان العالم النامي، التي لا تزال متخلفة كثيراً عن مصافي العالم المتقدم.

فعلى الرغم من التطور الحضاري والإنساني المشهود في مجالات العلوم والتقنية والنمط المعيشي، نشهد بطشاً واستكباراً وقمعاً غير محدود حول العالم، عجزت كافة السبل الدبلوماسية عن تغييرها، مما اسفر عن مقتل واعتقال وتغييب الالاف من المدنيين، الى جانب تهميش حقوق الملايين.

وما يلفت النظر ان الدول الكبرى ذات القدم في المجال الديمقراطي لا تزال تجامل على حساب الحقوق، وتماهي لمصالح تجارية واقتصادية معيبة، فلا قانون رادع ولا شعار او مُثُل عليا قادرة عن وقف الدعم الغربي على وجه الخصوص للديكتاتوريات، لا سيما المنتشرة منها في الشرق الأوسط.

اذ يقبع على مسمع ومرأى من الدول المتحضرة الاف الناشطين والحقوقيين والصحفيين والمعارضين في غياهب سجون الممالك والجمهوريات والامارات التي أمنت عقاب المجتمع الدولي، وباتت تخرق بشكل سافر قوانينه، غير مبالية بالتداعيات الإنسانية او الإشكالات القانونية التي تترتب إزاء انتهاكاتها المستمرة لحقوق الانسان.

وبناء على ما تقدم، تطالب منظمة اللاعنف العالمية (المسلم الحر) المنظمات والهيئات الحقوقية، الرسمية والشعبية حول العالم، بضرورة التحرك والضغط للحد من الانتهاكات السافرة التي ترتكبها الأنظمة القمعية، وإدانة الدول الكبرى التي تساهم سياستها النفعية في ديمومة تلك النظم المستبدة عبر دعمها وغض الطرف عن جرائهما.

ان الشعوب الإنسانية وهي تتجاوز الالفية الثانية للميلاد، وما سبقها من الاف السنين التي سبقت التاريخ، باتت بدرجة عالية من الوعي والادراك والاحساس بما يحاك من سياسات مشبوهة، وتوازنات دولية لا تعير للأصل البشري في بعض مناطق العالم قيمة، وهي قادرة على التغيير ان عقد العزم واجتمعت الإرادة، فجميع البشر متساوون في الحقوق والواجبات، ولا يجب انتقاص او تقليل قيمة شعب دون آخر، والديمقراطية باتت من اهم المعايير استحقاقاً لجميع الشعوب، بغض الطرف عن العرق او الدين او نمط المعيشة.