جريدة النهار البيروتية: المسلمون في فرنسا اكثر ممارسة للشعائر الدينية، وفي الوقت نفسه اكثر اندماجا في المجتمع الفرنسي. والغالبية العظمى بينهم تدين الارهاب، باعتباره منافيا للاسلام.

هذه خلاصة استطلاع واسع اجرته “ايفوب” نزولا عند طلب جريدة “الموند” ومجلة “لوبوان” واذاعة اوروبا 1 وذلك ما بين 22 و28 ايلول الماضي بعد ايام من تفجيرات نيويورك وواشنطن.

الاسلام الفرنسي يبدو، من خلال الاستطلاع، هادئا، مقبولا اكثر من جانب المجتمع الفرنسي. دون ان يضطر الى التنازل عن روحه ونفسه: الاندماج من غير قبول العلمنة.

المؤشرات على الممارسات الدينية في ارتفاع، سواء ما يتعلق منها بالصلاة الفردية، او صلاة الجمعة، او الالتزام بصوم رمضان. وخلافا للتوقع الاولي، فان صورة هذا الاسلام تتحسن في الاوساط الفرنسية.

الاستطلاع جرى على عينتين: عينة اولى من 549 شخصا يمثلون المسلمين المقيمين في فرنسا، وعينة ثانية من 940 شخصا يمثلون جميع اطياف المجتمع الفرنسي، وقد تم على القواعد نفسها التي جرى على اساسها استطلاعان سابقان: عام 1989 وعام .1994

الانتماء الديني

الاتجاه، في العمق، هو الى المزيد من تأكيد الهوية الدينية. 36 في المئة من العينة الاسلامية يعلنون انهم “مؤمنون وممارسون” مقابل 27 في المئة عام .1994 42 في المئة من العينة نفسها يعتبرون انفسهم “مؤمنين” مقابل 38 في المئة عام .1989 اما الذين يكتفون بالاعلان انهم “من اصول اسلامية” فقد انخفضت نسبتهم من 20 في المئة عام 1989 الى 16 في المئة عام .2001

لا تلعب فترة الاقامة، طولا او قصرا، دورا في تحديد الايمان، وان كان يسجل انخفاض في مستوى ممارسة المسلمين الذين ولدوا في فرنسا (المسلمون المقيمون في فرنسا منذ اقل من 10 سنين، اكثر ممارسة: 44 في المئة منهم  “مؤمنون وممارسون”، في حين ان نسبة “المؤمنين الممارسين” لدى المولودين في فرنسا هي 28 في المئة) يضاف الى ان 43 في المئة من المسلمين المولودين في فرنسا يصنفون انفسهم “مؤمنين” غير ممارسين لتنخفض نسبة القائلين انهم “من اصول اسلامية” الى 18 في المئة فقط.

يكشف الاستطلاع ظهور شريحة عليا من الطبقة الوسطى يمثل فيها الممارسون نسبة اعلى من نسبة غير الممارسين. فلدى الذين حازوا تعليماً عالياً، يعتبر 39 في المئة منهم انفسهم “مؤمنين وممارسين”، مقابل 33 في المئة “مؤمنين” و19 في المئة “من اصول اسلامية” و9 في المئة “بلا دين”.

الاكثر ممارسة حاضرون بكثافة في طرفي السلم التعليمي: لدى الذين لم يتلقوا اي تعليم او تعليماً ابتدائياً، ولدى الذين تابعوا دراسة عليا. اما الاقل ممارسة، فنجدهم في اوساط من نالوا تعليماً متوسطاً او مهنياً.

الصلاة

جميع المؤشرات تعكس عودة الى الممارسة الدينية: 33 في المئة يصلون يومياً، مقابل 31 في المئة عام .1994 20 في المئة يؤدون صلاة الجمعة في المسجد مقابل 16 في المئة عامي 89 و.94 نسبة المسلمين الذين باتوا يمتنعون عن تناول الكحول في ارتفاع، وان طفيفاً (64 في المئة يمتنعون في عام 2001 مقابل 61 في المئة عام 1994).

اما الصلاة في المسجد فتبقى شأن الرجال اساساً. 29 في المئة من الرجال يرتادون المسجد مقابل 8 في المئة من النساء. في حين ان النساء اكثر انشداداً الى الصلاة اليومية (35 في المئة يصلين كل يوم، مقابل 32 في المئة من الرجال) والى التزام صوم رمضان (73 في المئة من النساء مقابل 68 في المئة من الرجال).

ويكشف الاستطلاع ان نسبة المسلمين الممارسين غالبة لدى المتحدرين من اصول مغربية، تونسية، او تركية. فالتونسيون اكثر ممارسة لصلاة الجمعة (يليهم الاتراك، ثم المغاربة، ثم المسلمون الفرنسيون) اما الجزائريون، فهم الاقل ممارسة (13 في المئة فقط يصلون الجمعة، مقابل 27 في المئة من المغاربة).

الصوم والحج

تبدو شعيرتا الصوم والحج اكثر احتراماً اليوم مما كان عليه الحال عام ،1994 وتجذبان المزيد من الاجيال الشابة.

صحيح ان نسبة الحجاج بين الذين تجاوزوا الخامسة والخمسين من عمرهم اعلى بكثير من نسبتهم لدى الشباب (26 في المئة تجاوزوا 55 عاماً، مقابل 1% في الفئة العمرية 16-24 سنة) لكن 69 في المئة من الشباب (بين 16 و24 عاماً) يبدون رغبتهم في اداء الحج، (مقابل 61 في المئة لدى فئة 25-34 عاماً)، عندما يتقدم بهم العمر، بحيث تبدو فريضة الحج فريضة مرافقة للتقاعد عن العمل، او لدنو الشيخوخة، ولكنها مع ذلك، تراود الشباب اليوم.

نسبة صائمي رمضان، بدورها، في ارتفاع، حيث يسجل ان 60 في المئة صاموا رمضان عامي 89 و94 مقابل 70 في المئة صاموه خلال .2001

واللافت في الامر ان النسبة العليا من الصائمين تقع فى طرفي المعادلة العمرية: 84 في المئة لدى من تجاوزوا سن الـ55 عاماً، و74 في المئة لدى من لم يبلغوا الرابعة والعشرين من العمر.