بقلم رود لوبرز
رئيس المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة
اللاجئون هم أشخاص لا يتمتعون بحماية حكوماتهم. والدور الرئيسي للمفوضية العليا للاجئين هو التيقن من احترام حقوق الإنسان الأساسية لهؤلاء اللاجئين
وهذا يشمل التأكد من أنه أي شخص لا يعاد إلى دولة يخشى / تخشى العودة إليها بسبب الحرب أو العنف أو الاضطهاد
وتنص معاهدة اللاجئين الموقعة عام 1951 على تلك الحقوق
وتشمل حماية اللاجئين تقديم المساعدة القانونية والمادية لهم. المساعدة المادية على سبيل المثال يمكن أن تكون في صورة مساعدات ضرورية لإبقاء اللاجئين على قيد الحياة مثل الطعام والمياه النظيفة والمأوى والرعاية الصحية
الحماية أيضا قد تكون ممثلة في التوصل لحلول لمشكلة اللاجئين. وعادة ما تكون هناك ثلاثة مداخل رئيسية لمثل تلك الحلول: إعادة اللاجئين لوطنهم الأصلي، إدماجهم في أول دولة يلجأون إليها، أو إعادة توطينهم في دولة ثالثة
والإعادة هي الحل المفضل، فعلى مدار العقدين الماضيين نجحت المفوضية العليا الدولية للاجئين في إعادة 25 مليون شخص على الأقل إلى دول مثل جواتيمالا، ناميبيا، موزامبيق، كمبوديا، كوسوفو، والعديد من الدول الأخرى
في حين نجح ملايين آخرون في إعادة بناء حياتهم في أول دولة يلجأون إليها أو في الدول المحيطة بها، كما نجح كثيرون في إعادة التوطين في دولة ثالثة وقدموا إسهامات ملموسة في مجتمعاتهم الجديدة

معاهدة الأمم المتحدة تحت التهديد
مع مرور خمسين عاما على إبرام معاهدة اللاجئين، يجادل بعض منتقديها بأن المعاهدة أصبحت قديمة ولا تتماشى مع العصر الحالي خاصة مع ظهور العولمة والهجرات الجماعية وتغير طبيعة الصراع
في حين يصر البعض، وأنا منهم، على أن القيم التي تضمنتها المعاهدة خالدة وأنها أثبتت صمودها بصورة ملحوظة
لكننا نوافق على الرغم من ذلك على أن الوقت الحالي مناسب للتراجع خطوة إلى الوراء والتفكير في طريقة تطبيق المعاهدة فعليا في عالم اليوم
ولهذا السبب بدأت المفوضية العليا للاجئين برنامجا بعنوان “المشاورات العالمية” تستهدف تأكيد التزام الحكومات بالمعاهدة وفي الوقت نفسه تختبر أهم المخاوف المتعلقة بحماية اللاجئين اليوم
من بين تلك المخاوف كيفية حماية اللاجئين في حالة النزوح الجماعي، حيث تفر أعداد هائلة من الناس إلى الدول المجاورة وتظل هناك لسنوات قد تطول أو تقصر
وعادة ما تنجم تلك المواقف من الصراعات الطويلة التي لم تحل. وتلك المواقف تعد اختبارا مريرا لكرم الدولة المضيفة خاصة وأنها أثبتت صمودها بصورة ملحوظة
وربما يؤدي هذا إلى أعمال عنف وشعور بالعداء نحو اللاجئين. وفي الكثير من الحالات يتعرض اللاجئون لهجمات عنصرية لها دوافع سياسية، ويكون اللاجئ هو كبش الفداء لجميع سوءات الدولة

لجوء سياسي وهمي
إحدى التحديات التي تواجه حماية اللاجئين تتركز على أفراد وليس على نازحين جماعيين. وتتلقى جميع دول العالم الآن تقريبا طلبات للجوء السياسي
على الجانب الآخر تزداد شكاوى الحكومات من العبء الذي تمثله الطلبات الفردية للجوء على أنظمة اللجوء السياسي، وتكاليف إدارة تلك الأنظمة بالإضافة لسوء استغلال عملية اللجوء السياسي
ونتيجة لهذا لجأت الحكومات إلى عدد كبير من الإجراءات التي أصبح تماشيها مع المبادئ الأساسية للحماية ضعيفا للغاية

من بين تلك الإجراءات القيود المفروضة على دخول البلاد أو تقديم طلبات اللجوء، اعتقال طالبي اللجوء، تقليص المنافع الاجتماعية وتقييد حريتهم في لم الشمل مع عائلاتهم
ومن المهم أن نجد طرقا لتحديد من هو اللاجئ، ومن هو في موقف حساس، ومن لا يستحق الحماية ويمكن إعادته إلى بلاده بأمان
إحدى المخاوف الأخرى للمفوضية العليا للاجئين وعدد كبير من الحكومات هو الخلط بين المهاجرين واللاجئين السياسيين
فعمليا، الهجرة غير المشروعة، التي يقوم بها الباحثون عن فرص اقتصادية أفضل على سبيل المثال، ليست مشكلة لجوء في حد ذاتها
لكن تلك الحركات أصبحت مصدر قلق فيما يتعلق بحماية اللاجئين، فالمهاجرون يقدمون أنفسهم على أنهم لاجئون ليتمكنوا من دخول البلاد، بينما يلجأ طالبو اللجوء السياسي إلى مهربي المهاجرين لترتيب رحلات مغادرة بلادهم كما أن القوانين التي تستهدف الحد من الهجرة غير المشروعة يمكن أن تمثل عائقا أمام حصول لاجئ على الحماية
الحد من الهجرة
يجب التوصل إلى طرق للفصل بين اللاجئين وتلك الشبكة المتزايدة التي تهدف للحد من الهجرة، بطريقة تضمن للاجئ الحصول على الحماية دون التأثير على حق أي دولة في الحد من الهجرة إليها
والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين تساعد في السيطرة على مسألة اللاجئين. فهي تساعد الحكومات على تطوير وتعزيز القوانين والمؤسسات الخاصة باللجوء، بالإضافة للمساعدة في التوصل لحلول دائمة للاجئين
ووجود سيطرة فعالة أمر حاسم للجهود المبذولة لمكافحة الجريمة الدولية المنظمة التي يشكل التهريب المهاجرين أو اللاجئين جزءا منها أما في المناطق التي تتفجر منها مشكلات اللاجئين، فالتوصل لمداخل شاملة لحل مشكلات الهجرة الاقتصادية وتدفق اللاجئين، من جذورها يمكن أن يساعد على خلق ظروف لا يشعر فيها اللاجئون والمهاجرون بالاضطرار للنزوح بحثا عن حلول أفضل وعلى المجتمع الدولي، بالتعاون والحصول على الموارد الضرورية، أن يتوصل لطرق أفضل للسيطرة الفعالة على الهجرة، وفي الوقت نفسه تنفيذ التزاماته بحماية اللاجئين

الحياة في أرض غريبة

خلف القضبان
عندما يصل الكثير من اللاجئين إلى وجهتهم، عادة ما يقابلهم جو عدائي في الدولة التي تستقبلهم. ففي المملكة المتحدة وحدها دائما ما يوجد 1200 طالب لجوء سياسي في المتوسط محتجز في أي وقت من أوقات العام
محمد سلمان يتحدث لبي بي سي عن الطريقة التي استقبل بها في ألمانيا أولا ثم في المملكة المتحدة
من الصعب تخيل محمد سلمان، 22 عاما، في السجن، لكن الحقيقة أنه سجن ثلاث مرات بالفعل وفي ثلاث دول مختلفة  محمد شخص هادئ متدين، يهوى لعب كرة القدم والكريكيت. لكن مثل الكثيرين من التاميل في سريلانكا، وجد محمد نفسه ضائعا وسط الصراع الدائر بين الحكومة وجبهة نمور التاميل وعندما قتل مقاتلو التاميل شقيقه، أدرك محمد أن الدور سيكون عليه إذا لم يسرع بالهرب. وكان مقاتلو التاميل قد طلبوا منه عدة مرات تقديم إمدادات مثل الزيت والبطاريات لهم كانت قوات الحكومة قد اعتقلت محمد بالفعل وعذبته واتهمته بمساعدة التاميل. يقول محمد: علقت من قدمي وضربت بأنبوب. ولا يزال محمد يجد صعوبة في تحريك ذراعه ودفع والده أموالا لوسيط لنقله إلى ألمانيا حيث اعتقد أنه سيكون بمأمن

استقبال مكبل بالقيود
بعد رحلة شاقة وصل إلى الحدود الألمانية متأخرا عن موعد وصوله الأصلي بخمسة عشر يوما، وألقي القبض عليه على الفوركبل محمد بالقيود واقتيد إلى زنزانة. وعندما سألته بي بي سي عن الطريقة التي عومل بها قال بلهجة أقرب إلى الامتنان: ” لم أتعرض لضرب أو اعتداء، لكنهم وضعوني في غرف مظلمة، كنت خائفا للغاية من أن يعيدوني إلى سريلانكا
وضع محمد في السجن فيما بعد حيث شاركه في زنزانته المجرمون، ولأنه لم يكن ملما بالألمانية فلم يتحدث كثيرا. ومرت عليه بداية العام الجديد في السجن ويبدو أن مخاوفه كادت تتحقق عندما قضت المحكمة بأنه دخل ألمانيا بطريقة غير مشروعة، وبالتالي سيتم ترحيله، فألمانيا لا تعترف بأن الفارين من اضطهاد جهات أخرى غير الدولة مثل نمور التاميل يعدون لاجئين

لكن المحكمة أرجأت ترحيله وبعثته إلى معسكر في شرق ألمانيا. وفي إدانة صريحة للعنصرية حكى محمد كيف كان السكان المحليون يضربونه ويبصقون عليه في الشارع ويقول: كرهت هذا المكان، الناس في منتهى القسوة
حرية قصيرة الأجل
وفي لحظة يأس توجه محمد إلى المملكة المتحدة حيث طلب حق اللجوء السياسي. عاش محمد لمدة ستة أشهر مع قريب تاميلي حتى يتم النظر في طلبه. ويقول محمد إنه كان يشعر بالسعادة الشديدة في لندن لكن وزارة الداخلية أخبرته أنها عرفت أنه قادم من ألمانيا التي تعد وفقا لقانون الاتحاد الأوروبي “دولة ثالثة آمنة” وبالتالي سيتم إعادته إليها قال محمد إنه واثق من ترحيله إلى سريلانكا إذا عاد إلى ألمانيا، وفي سريلانكا سيقتل بالتأكيد، لكن لم يستمع له أحد يقول: كنت أعمل في محطة بنزين عندما اعتقلوني واصطحبوني إلى مطار هيثرو وأخبروني بأنهم حجزوا لي تذكرة على إحدى الرحلات. لكنه تمكن من الاتصال بمحام قدم طلب استئناف نيابة عنه في الوقت نفسه اقتيد محمد إلى مركز اعتقال تينسلي هاوس القريب من مطار جاتويك ومرت عليه ثاني بداية لعام جديد وهو خلف القضبان ودفع محمد ألفي جنيه كفالة للإفراج عنه ولا يزال ينتظر نتيجة طلب الاستئناف حتى وقت كتابة قصته هذه .