قد يخلق الخوف من الأسلحة البيولوجية مثل الجمرة الخبيثة أمراضا تفوق ما قد تسببه الأسلحة نفسها.

وقد يؤدي الذعر الناتج عن الأخبار حول الإصابات بالجمرة الخبيثة إلى أضرار اجتماعية أو نفسية طويلة المدى.

ويتوقع باحثون من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية واستراليا في رسالة نشرتها الجريدة الطبية البريطانية، انه في الوقت الذي قد لا تؤدي الأسلحة البيولوجية إلى قتل العديد من البشر فإنه يتوقع أن تترك أثرا مدمرا على كثير من الناس.

فلقد وصلت تقارير عن إصابة كثير من الناس بأمراض اجتماعية، ففي 29 سبتمبر تسببت غازات دهان بإصابة مدرسة في العاصمة واشنطن بالذعر من الإرهاب البيولوجي، مما أدى إلى إرسال 16 طالبا ومدرس إلى المستشفى.

وبعيد الإعلان عن موجة الجمرة الخبيثة الحالية، أدى رش سائل لتنظيف الزجاج في محطة ماريلاند لقطار الأنفاق إلى إصابة 35 شخصا بأعراض غثيان وصداع والتهاب حنجرة.

وخلص الخبراء بمن فيهم البروفسور سايمون ويسلي من مستشفى جايز وكنجز وسانت توماس في لندن إلى أنه قد تؤدي سلسلة من الخدع والهجمات الفعلية إلى ترك أثر كبير.

وقالوا إنه من المألوف أن نتوقع حدوث ذعر على مستوى واسع إذا تم استخدام مثل هذه الأسلحة بشكل فعال أو حتى اعتقد أنها استخدمت.

عدم الثقة بمسؤولي الصحة

وأضافوا أن المستوى العام للتوعك نتيجة الخوف والقلق قد يظل مرتفعا لسنوات مما يزيد من الحالات النفسية الموجودة سابقا ويصعد خطر الإصابة بأنواع كثيرة من الأمراض الاجتماعية.

وقالوا إن القلق سيزداد في المناطق المتضررة بسبب البلبلة الحالية حيال الآثار الصحية المزمنة نتيجة التعرض المنخفض للمواد السامة.

وقالوا إن المسئولين عن الصحة لن يتمكنوا من توفير ضمانات شاملة للسلامة على المدى الطويل مما قد يؤدي إلى فقد ثقة الناس في الخبراء.

ومن المحتمل أن تصبح الفرضيات غير المؤكدة أو المثيرة للجدل حول الآثار الصحية نتيجة التعرض للأسلحة الكيميائية أو البيولوجية مواضيع جدلية من الناحية العلمية والإعلامية.

خفايا مرض الجمرة الخبيثة

يعتبر مرض الجمرة الخبيثة مرضا جرثوميا يمكن أن يُصيب الإنسان -كما حدث في الولايات المتحدة.

غير أنه عادة ما يصيب الحيوانات مثل الأغنام والماشية؛ ولا تنتقل عدواه من شخص إلى آخر غير أنه يمكن أن يكون قاتلا.

ومن أكثر أشكال الإصابة انتشارا الإصابة الجلدية التي يمكن معالجتها عن طريق جرعات كبيرة من المضادات الحيوية.

كما يمكن أن يصيب المرض الرئتين في حالة استنشاق كميات كبيرة من الجراثيم.

وتعتبر إصابة الرئة أشد الإصابات خطورة وتفضي إلى الموت في معظم الحالات غير أن العلاج السريع قد يحول دون ذلك.
أما الإصابة بمرض الجمرة الخبيثة في المعدة والأمعاء فتحدث في حالة ابتلاع الجراثيم وتؤدي الإصابة به إلى الموت في أكثر من نصف الحالات.

ويعتبر مرض الجمرة الخبيثة شديد الندرة غير أنه وصل إلى حد الوباء في بعض الدول النامية.

ويحاول المسؤولون في بريطانيا والولايات المتحدة طمأنة المواطنين بأن هناك استعدادا للتعامل مع أي هجوم إرهابي أو بايلوجي أو كيمياوي في المستقبل.

وأعلنت وزارة الداخلية والحكومة المحلية وخدمة الصحة العامة في بريطانيا عن اعتزامها إصدار توجيهات إلى عموم الشعب حول التعامل مع أي محاولة مقصودة لنشر جراثيم الجمرة الخبيثة.

وفي نفس الوقت فإن المسؤولين الحكوميين كانوا حذرين في عدم الإفصاح عن معلومات تساعد الإرهابيين.

وتشمل التوجيهات الجديدة إغلاق المنطقة المعرضة لعدوى الجمرة الخبيثة إذا ما تواجدت فيها جراثيم المرض وإزالتها من الأشخاص الذين تلوثوا بها.

كذلك فإن على كل الأشخاص الذين تعرضوا بالجراثيم أن يتناولوا المضادات الحيوية لمدة ثمانية أسابيع.

وقال المراقب الصحي العام في بريطانيا البروفيسور ليام دونالدسون، إن الحكومة حصلت على إمدادات إضافية من المضادات الحيوية استعدادا لأي هجوم طارئ، لكنه أكد أنه ليس هناك معلومات عن أي خطر محدد.

وأضاف البروفيسور دونالدسون أن أي انتشار للمرض في بريطانيا كما حصل في الولايات المتحدة، سوف يؤثر على عدد محدود من الناس .

وقال إنه بالرغم من عدم وجود أي خطر محدد لكن مسؤولية الحكومة هي التخطيط الجيد والاستعداد لأي احتمال حتى وإن كان بعيدا.

وقال إن بريطانيا تمتلك من أفضل الخدمات الصحية في العالم. ورغم ذلك فإن الحكومة بعثت تذكيرا للأطباء بكيفية تشخيص الجمرة الخبيثة والتعامل معها.