يناقش هذا الكتاب موضوع “الإسلام الأنثوي في زمن الحداثة”, معتمداً على نتائج أبحاث ميدانية قامت بها كل من الباحثات الألمانيات هيسلينغ ونوكل وفيرنر بالإضافة إلى غريت كلينكهامر من جامعة بايرويت. وقد نشر الكتاب بتعاون مشترك مع قسم اجتماع الأديان في جامعة بيلفيلد بألمانيا. ونتج عن هذا التعاون الرغبة في الخروج من الوسط الأكاديمي الضيق وجمع الأبحاث ونشرها في كتاب ميسور الأسلوب بحيث يمكن لدائرة أوسع من القراء الاطلاع على نتائج الأبحاث فيه. وتقول مؤلفات الكتاب إنهن يهدفهن إلى المساهمة في إيضاح العلاقة بين الإسلام والعولمة, وبتركيز خاص على الجانب النسوي في هذه العلاقة. وتشير الأمثلة الثلاثة عشر من دول (ألمانيا وهولندا ومصر ولبنان والسودان وماليزيا وإندونيسيا وتركيا) المتضمنة في هذا الكتاب إلى تعدد النواحي والاختلاف الشديد الذي يميز هذه العلاقة. وتكتب الباحثات الثلاث في مقدمة الكتاب (ص 12) “يتمركز مشروعنا حول عولمة الحياة اليومية وبالتالي أيضا حول المحلي الذي تغير بفعل عملية العولمة ولكنه لم يختف تماما. إننا نهتم إذا بالعولمة كعملية تكوين لعمليات وبنيات اجتماعية ولوسائل الإعلام وللأعراف (…) المتجذرة اجتماعيا وعلى المستوى المحلي وما فوق المحلي بدون أن تختفي الحدود بينهما.

وجه الربط بين الإسلام والعولمـة
ونعلم من الأبحاث السابقة أن عملية العولمة لا تشمل الاقتصاد والسياسة والثقافة فقط بل الدين أيضا. وهذا يعني حدوث عمليات تكوين بنيات اجتماعية جديدة محلية وشاملة في نفس الوقت، مثل الشبكات والمساحات الاجتماعية المدعومة بوسائل الإعلام المختلفة على المستويين الوطني وما فوق الوطني. أما بالنسبة إلى العلاقة بين العولمة والإسلام على وجه التحديد فإنه يمكننا رصد ظهور أشكال اجتماعية دينية مختلفة والتي من الصعب أن يتم مراقبتها من نقطة معينة أو توجيهها.

وتقول المؤلفات إنهن يعالجن دينامية الإسلام في علاقته مع العولمة من زاوية أن الإسلام الشامل يعتبر وسيلة ومحركا لعمليات التجانس وعدم التجانس بالإضافة إلى طبيعته المزدوجة العالمية والخصوصية.

فصول الكتاب التي تناقش موضوعات متعددة وتحت شعار “الإسلام الجديد للنساء”، ليست مقصورة على نماذج نسوية مغايرة للسائد العام، كما لا تهدف الباحثات إلى عرض حركات نسوية متأثرة بالنسوية العالمية خاصة في الغرب وهذا ما يسجل لهن وأكدن عليه في المقدمة. بل إن الاهتمام الأكبر هنا ينصب على رصد وتجميع المبادرات التي تصف وتعبر عن الحركات الاجتماعية الجديدة التي حلت في زمن ما بعد الحداثة محل الطبقات الاجتماعية والتي تمثل مصالح غير مركزية لمجموعات جزئية. فهذه الحركات تعبر أكثر عن الممارسات التي تمارسها النساء في أمكنة مختلفة من العالم تحت ظروف العولمة, وفي حالة العالم الإسلامي يتم الارتكاز هنا على الإسلام وتقديم أوجه الشبه والاختلاف بينه وبين العولمة