س1: كيف تنظرون إلى التغرب هل هو شيء ايجابي ام سلبي بعيداً عن الاسباب؟

س2: كيف تنظرون إلى المغترب لاسباب. وهل تتغير الرؤية حسب الاسباب أي إلى من تعرض لاسباب قهرية اجبرته على ذلك – عن الذي يتوقع حدوث الضرر؟

س3: ترك الاوطان اصبح حدث عالمي وينمو بسرعة مذهلة. كما في، على سبيل المثال * لبنان – فلسطين – العراق – البحرين – الشيشان – كوسوفو – ايران. فما هي الاسباب وكيف ترون الحل.

رداً على الاسئلة التي وجهت إلى سماحته حفظه الله اجاب مسدداً، معروفة فتوى علمائنا بحرمة التعرب بعد الهجرة.

هذا دليل على أن الإسلام دين حضري، مدني، بما يعني الحضر والمدنية، من توسيع النواظم الجامعة، أي ترسيخ العموميات وتغليبها على الخصوصيات، من دون إلغاء لهذه الخصوصيات الا في حدود أصول العقيدة وما يتصل بها من قيم في العيش والسلوك والعلائق.. وهذا لا يعني أن البادية خالية من القيم والافكار نهائياً.. إذن فالمسألة هي مسألة ارتقاء في المعرفة والحياة والمعايير في هذه المسألة متحركة ومرهونة بالحاجة والوعي وحالة الأخر الذي تذهب إليه.. فلا شك أن معرفة المسلمين بدينهم وثقافة عصرهم تزداد، مما يضمن بقاءهم نوعياً على إيمانهم وعقيدتهم وسلوكهم.. مع التأكيد هنا على ضرورة عدم الطمأنينة إلى كفاءة المسلمين الذاتية، فأن ذلك إذا صدق في البعض أو في كثير فإنه لا يصدق على الجميع، ونحن ملزمون بالحفاظ على الجميع.. بالاضافة إلى ذلك فان الآخرين في الغرب وغيره لم يعودوا جميعاً مستنفرين ضد الإسلام، نظراً لتوسع معرفتهم بالآخرين من المسلمين، وانكشاف بعض الأكاذيب حولهم، مما يعني ان الخطر قد تراجع نسبياً، وأن إمكانية جذب الآخرين إلى الإسلام أصبحت قائمة.. إلى ذلك فإن التنوع الذي تؤسسه الهجرة إلى بلاد الإغتراب يتحول إلى عامل حيوية وإغناء ثقافي واجتماعي للمجتمعات الأخرى وأيضاً يساهم في إغناء مجتمعاتنا بخبرات جديدة..

و هذا أمر مفيد جداً إذا أردنا أن نواجه المخاطر المحتملة للعولمة بأطروحة ثقافية نشارك فيها مع كل الشعوب والثقافات التي تشكل العولمة مصدر خطر محتمل عليها.

هذا شيء.. ولكن الواقع الآن والمشهد أكثر تعقيداً من كل هذا الكلام.. لأننا إذا أخذنا الحاجة المادية وضرورات العيش في اعتبارنا كاحد الأسباب المسوّغة للإغتراب، فان  ذلك يقع في ذاكرة كونه حلاً لأزمات محدودة من الأفراد والأوطان.

أما أن تضيق فرص العمل والحياة والعلم إلى حد ان يصبح شعب بأكمله يفكر بالهجرة عن الوطن وبدون شروط أو بالحد الأدنى من الشروط.. سوف يؤدي لدى الشباب ولدى الكفاءات العلمية، الى يأس من الوطن والمستقبل، وهذا من شأنه أن يضخم الأزمة ويحد من امكانية الاستفادة من الإغتراب، ويمكن أن يتحول اليأس من الوطن والمجتمع إلى يأس من الافكار والعقائد والقيم والعادات والذاكرة.

اذن لابد من اجراءات، إن لم تقم بها الدولة، فلابد أن يقوم المجتمع بها أو ببعضها.. أي اذا لم تكن التنمية بما هي زيادة في الانتاج مؤمّنة، فلابد من ترشيد الاستهلاك على الأقل، وإذا كانت النعمة غير موفورة فلابد من تنظيم الفقر، أي لابد من حركة واسعة تخفف الأعباء وتتيح الفرصة للعمل ولو بالحد الأدنى.. ولابد من الاحتياط من خيبة الأمل بالقضايا الكبرى التي تجبر الانسان والشاب خاصة على التخلي عن الأفكار العامة اذن لابد من اعادة التربية على الايمان بقضايا الكبرى، كالعدالة والحرية والتحرير والتقدم والوحدة.

و هذا يفترض برجال الدين العلماء منهم أن يفكروا بتجديد دورهم وأساليب علمهم وعملهم ومؤسساتهم وعلاقاتهم ليشكلوا بذلك عامل احتياط للمستقبل..

إن الإغتراب بهذا الشكل أصبح خطراً لأنه خارج السيطرة من حيث المغريات ووجود المسلمين في المجتمعات الأخرى مع تقصيرنا في المتابعة.

ولابد من الالتفات إلى ان المجتمعات الاسلامية هي الأكثر استعطباً بالهجرة والإغتراب وهذا خلل وخطر كلنا مسؤولون عنه.. ثم إن المجتمعات الأخرى في أوروبا وأمريكا وغيرها أصبحت بسبب الثورة العلمية والمعلوماتية الحديثة تعيش أزمات بطالة واضحة، ما يعني أنها لم يعد بوسعها أن تستوعب هذه الأعداد الضخمة من المهاجرين اليها.. وعندئذ سيتحول هؤلاء إلى فقراء شديدي الفقر، تجعلهم مشاكلهم الاجتماعية عرضة لكل انواع الفساد، المخدرات والجنس والإرهاب والعمالة.. وفقدان الهوية. وهذا أصعب بكثير من التعرب بعد الهجرة.. ولابد من استنهاض المال الشرعي وتنظيمه وتوظيفه في عملية تنمية تقينا بعض هذه الشرور على الأقل.