مقدمة

سبق أن قدمنا في الباب الأول من الكتاب تعريفاً بالأسرة، وحاولنا فيه تقديم وجهة نظر كل من الإسلام والنظريات المادية الأخرى في الأسرة. وبما أننا اتخذنا على عاتقنا تقديم وجهة نظر كل منهما في الأسرة فإننا سوف نلتزم بهذا المنهج في كل أبواب الكتاب الثلاثة وذلك أننا نرمي بذلك إلى هدفين إن وفقنا الله تعالى لنيلهما.

فالهدف الأول: هو محاولة رد مزاعم أولئك الذين ينصبون العداء للإسلام فيحاولون لصق مختلف التهم الباطلة به، إلى جانب أولئك الذين يسيرون في ركابه، والذين يصدر منهم مس بالإسلام عن قصد أو دونه. فالدين الإسلامي ناله ما ناله من الاتهامات علىكافة المستويات وأكثر ما ناله من جانب الأسرة حيث دخلوا إلى أولئك الذين لم يترسخ الإسلام في نفوسهم عن طريق هذا الباب. فصوروا الإسلام بصورة الداعي إلى الديكتاتورية والأبوية في العائلة ومصادرة حقوق المرأة في البيت إلى غيرها من التهم. ولذا فهم يزعمون أن المرأة لا شخصية لها في الإسلام فيجب تحريرها من نير هذا الظلم.

أما الهدف الآخر فهو: إظهار الميزة التي تتميز بها الأحكام الإسلامية على غيرها من الأطروحات المادية، من خلال صيانتها للأسرة وحفاظها على حقوق المرأة التي يدعي أولئك بأنها مصادرة.

إن موضوع تكوين الأسرة هو عامل استغله الإسلام لصالح الأسرة أيضاً، فهو لم يترك موضوع التكوين هذا للظرف وإنما أراد لهذا الأمر أن يسير وفق قواعد ومناهج حددها هو بناء على المتطلبات الضرورية لثبات واستقرار الأسرة التي يراد تكوينها. في حين لم تكن النظريات المادية قد أعطت هذا الجانب قدراً من الأهمية، وهذا أمر بديهي فالذي لا يهتم بالهدف لا يهتم بالوسيلة التي يصل بها إلى هذا الهدف.