حوراء الانصاري

دودورخت / هولندا

قبل ان ابدا: لئن كان تلاميذ المدارس الاوربية يختلفون عن تلاميد مدارس العالم الاسلامي والعربي في بعض تفاصيل المناهج التربوية، و التقنية، فانهم لا يختلفون عنهم فيما يواجهونه جميعا من العقاب الجسدي لهذا السبب، او ذاك من معلميهم، او من ادارة المدرسة.

العنف الفرنسي: و على الرغم مما اشتهرت به الحياة الفرنسية من مراعات اللياقة في هذا المجال او ذاك، الا ان شد الشعر و الخدود والصفعات، و الضرب على المؤخرة، و ملء الوجه بالطباشير ما زالت اساليب متبعة في غير مدرسة من مدارس فرنسا، اذ يجد معلمو فرنسا في مثل تلك الاساليب وسائل طبيعية للحفاظ على النظام الداخلي للصف الدراسي.

و على الرغم من وجود النصوص القانونية الصارمة التي تمنع استعمال العقاب الجسدي تجاه اطفال المدارس، الا ان عدم تطبيق تلك القوانين يعد ذريعة تجعل المدرسين يمارسون بعض اساليب العقاب الجسدي بصورة متعمدة، او بحركة تلقائية مفاجئة.

شكوى الطلاب: و لتفشي تلكم الظاهرة، نجد التبرم واضحا من هذا الاسلوب في اكثر من مدرسة هناك. يقول احد التلاميذ في مدينة باريس، و بالحرف الواحد: (كان لدينا مدرس لمادة الحساب يعتمد اسلوبه التربوي على ضرب التلاميذ بشكل مستمر، و لقد صفح طالبا لانه اخطأ في علامات الترقيم، و كانت النتيجة ان ادما فم ذلك الطالب، و تم علاج الطالب بعيادة المدرسة الطبية!! و لو توقف الامر عند العلاج الطبي لكان الامر مقبولا، لكن ما هو اكثر خطورة، هو الاكتئاب العام و الرغبة في التقيؤ من كل تلاميذ الفصل الدراسي، مع القلق المستمر قبل بداية كل حصة من حصص مادة الحساب على امتداد ايام العام الدراسي.

اشكال العقاب: و اذا كان مدرس الحساب يتخذ الصفع اسلوب ا و شكلا للعقاب، فان معلمة في مدرسة من مدارس الضواحي الباريسية تقوم بضرب الطلاب على مؤخرتهم امام كافة تلاميذ الفصل الدراسي، و اخرى تضع دلو ماء لتغمر فيه وجه الطالب غير المطيع، و مدرس يضع راس الطفل بين ركبتيه، و يقوم بخنقه، و معلمة اقتصاد منزلي تحرق اصابع الاطفال بالكبريت كل ذلك تحت شعار: (يجب ان يعانوا حتى يتعلموا).

تصريحات المسؤولين: و مع محاولة اثارة مثل هذه المواضيع امام المسؤولين عن التعليم هناك، تجد ان المسؤولين يحاولون جهدهم التغطية على مثل تلك الاعمال المشينة التي يرتكبها الاساتذة بحق تلاميذهم. و في محاولة لتهدئة الرأي العام الذي قد يثور احيانا فان هناك مصطلحات تستخدم للتقليل من وقع ذلك العنف: مثل القول: بان مثل ذلك العقاب ليس في ازدياد، و انما في تناقص. بيد ان بعض المدرسين من ذوي الامانة يؤكدون: ان طالبا من اثنين قد تعرض او على الاقل شهد عملا عنيفا من بعض اساتذته اثناء علمية الدراسة، و هو ما اكده البحث الذي قام به المفكر الفرنسي (برنارد دي فرانس)، الذي اظهر فيه ان 50 % و 24 % في الثاني الاعدادي، و 34% في الثالث، و حتى في الثانوية لم تختلف الصفعات في المدرسة و لكن يتردد المدرسون كثيرا، لان الطلاب تكبر سنا، كما تكبر قامة. و في ظل حساسية الشاب و المطالبة بالعدالة و نبذ العنف، فانهم يلجؤون الى محامين يدافعون عنهم، و يطالبون بحقوقهم.

العنف الشفهي: و مع ان نقابات المعلمين في فرنسا تؤكد انه ليس من حق المعلم ان يلمس الطالب بعنف، فان الواقع فرض رايا اخر يجعل القرارات النقابية صعبة التنفيذ، اذ لجا 74% من المعلمين هناك الى العقاب الجسدي، بذريعة ان هذا هو الحل الوحيد من وجهة نظرهم ليأسهم من نوعيات مشاكسة من الطلاب، مع اعترافهم بضرورة ان يبقى العقاب استثناء و ليس القاعدة. و لقد بدأ ـ اخيرا ـ نوع آخر من العنف يظهر في بعض المدارس، و هو العنف الشفهي باستخدام الفاظ و كلمات حادة، و هو عنف ترك اثارا واضحة على المدى البعيد. و يبقى فقط ضرورة التفاهم بين السلطة (المدرسة) و الطالب، و محاولة حل المشاكل حتى تنتهي معتقلات التعذيب في المدارس الفرنسية.