القاهرة: محمد خليل (الشرق الاوسط)
أثناء مشاركته في المؤتمر الاسلامي الدولي الرابع عشر في القاهرة التقت «الشرق الأوسط» بالدكتور ابراهيم أبو محمد رئيس المؤسسة الاسترالية للثقافة الاسلامية الذي شارك ببحث مهم في المؤتمر حول «الاسلام والغرب». وفي هذا الحوار تطرق الدكتور ابو محمد الى عدد من الموضوعات المهمة حول وضع المسلمين في استراليا.
* متى انشئت المؤسسة الاسترالية للثقافة الاسلامية.. وما هي أهم أهدافها؟
ـ انشئت المؤسسة منذ خمس سنوات تقريبا وهي تضم نخبة كبيرة من اساتذة الجامعة في سيدني وغيرها من مختلف الجنسيات كما تضم مجموعة كبيرة من حملة الماجستير والليسانس، لذلك يغلب على دورها الطابع العلمي الاكاديمي وان كانت تعمل لمصلحة المسلمين داخل المجتمع الاسترالي وقامت المؤسسة من أجل أهداف سامية وهي تهدف في المقام الأول الى تصحيح صورة العرب والمسلمين داخل المجتمع الاسترالي وتوصيل الحقائق الصحيحة عن الاسلام والمسلمين والعرب للمجتمع الاسترالي والأوروبي والغربي بشكل عام كما ان المؤسسة تنهض باعباء جسام بعضها يقوم بخدمات لصالح المسلمين والبعض الآخر لتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الاسلام والمسلمين والعرب على وجه الخصوص التي تبثها وسائل الاعلام الغربي كل هذا بجهد فريق العمل من الذين يبذلون جهودهم في المؤسسة بعيدا عن الظهور وهم دائما خلف كل نجاح حققته المؤسسة.
* وما دور المؤسسة الاسلامية في تصحيح هذه الافكار وتلك المفاهيم المغلوطة عن العرب والمسلمين وما وسائلها في ذلك؟
ـ في الحقيقة أن جهود المؤسسة تنصب في هذا المجال على دفع تهمة العدوان والشراسة والعنف عن الاسلام والمسلمين والعرب ووسائلنا لتحقيق ذلك هي عقد المحاضرات والندوات والمناظرات المنتظمة حول قضايا الثقافة الاسلامية ويتم الرد في هذه اللقاءات على كل ما يثار عن الاسلام والمسلمين والعرب في وسائل الاعلام الغربية ولنا في هذا النشاط باع طويل كما ان لنا في هذا الاطار وسائل أخرى متعددة منها اذاعة القرآن الكريم وهي تبث برامجها على مدى 24 ساعة متواصلة وهذه الاذاعة تابعة للمؤسسة وهي أحد نشاطاتها لتحقيق الأهداف وهذه الاذاعة تسمع بوضوح في كل الولايات الاسترالية، بالاضافة الى دولة نيوزيلاندا ومن خلال الاذاعة تقدم كل البرامج الدينية والثقافية التي تستهدف مختلف الشرائح الاجتماعية والثقافية بهدف توعية المسلم بدوره ورسالته في مجتمع المهجر وبالطبع لا يتم ذلك كله الا بعد حماية الدين والهوية في مجتمع يغرب فيه كل شيء لذلك فالمهمة خطيرة والجهد عظيم وتقدم الاذاعة كل ما يهم الاسرة المسلمة من حيث الحفاظ على العلاقة السوية بين الزوجين وتربية الأولاد تربية اسلامية صحيحة والحفاظ عليهم من الدمج والذوبان وفقد الهوية، وكل هذه البرامج تبثها الاذاعة باللغتين العربية والانجليزية، كما ان للمؤسسة مدرسة خاصة تهتم بتعليم اللغة العربية والتربية الاسلامية للصغار والكبار وهي مفتوحة للمسلمين وغير المسلمين وتقوم بتدريس اللغة العربية لغير العرب أيضا.
* طبيعة العلاقة بين المسلمين وغيرهم في استراليا هل تأثرت بعد أحداث سبتمبر (ايلول) الماضي؟
ـ لا شك ان احداث سبتمبر جعلت المسلمين في كل بقاع الأرض يعانون كثيرا من التهمة التي ألصقتها بهم تلك الأحداث المنسوبة الى مسلمين بأن الاسلام دين يدعو اتباعه الى العنف وسفك الدماء والارهاب وكنتيجة لتركيز الاعلام الغربي على الجوانب السلبية وتصوير العرب والمسلمين بأنهم وحوش كاسرة وانهم من جنس لا يتعايش مع الآخرين، وهذه الحملة العدائية معروف من وراءها وهم الصهاينة ولكن بفضل الله تعالى وبفضل الحركة السريعة للكثير من نشطاء الجالية الاسلامية باستراليا انحصرت هذه الحملة وهذه الظاهرة وتلقينا الكثير من الدعم المعنوي والاخلاقي من عدة جهات رسمية داخل استراليا.
* وماذا عن مستقبل الاسلام في استراليا؟
ـ مستقبل يبشر بالخير معهم رغم محاولات الاعداء التي تتعمد تشويه صورة الاسلام ومحاصرته في مجتمعات الغرب ومهما كان مقدار الحقد والكراهية على الاسلام والمسلمين، ففي استراليا رصيد الفطرة كبير وهو رصيد ظاهر لمن يستثمره بشكل صحيح ويحتاج الى جهد كبير ويحتاج الى امكانيات، وكلا العنصرين غائبان حتى الآن ونأمل في أن نستكمل النقص ويجبر الكسر الموجود، لذلك يجب ان تعمل كل المؤسسات الاسلامية في العالم وعلى رأسها الأزهر ورابطة العالم الاسلامي على ايجاد الدعاة من داخل المجتمع الأوروبي أو الغربي بشكل عام من داخل ابنائه الذين ولدوا وتربوا وعاشوا فيه لأنهم هم الاعرف بطبيعة مجتمعهم والاقدر على توصيل لغة الخطاب والأكثر فهما للشخصية الاوروبية أو الغربية وهم أيضا الأكثر قبولا لدى الاوروبيين أو الغربيين من غيرهم.
* البعض يدعو الى فقه خاص بالاقليات الاسلامية ليأخذ من واقع هذه الاقليات ويصدر لها الفتاوى التي تلاءم ظروفها. فما تعليقك على هذه الدعوة؟
ـ فقه الاقليات هو جزء من فقه الواقع والفقه لا يعني مجرد العلم ولكن ادراك الكليات والجزائيات وهو نوعان، فقه الأمر وفقه الخلق واذا تحدثت في نطاق فقه الأمر «التكليف» يمكن ان نتحدث عن فقه العبادات وفقه المعاملات وفقه الأولويات الذي اشار اليه القرآن الكريم والسنة النبوية في قوله تعالى «أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله» وقول النبي صلى الله عليه وسلم «الايمان بضع وسبعون شعبة أدناها اماطة الأذى عن الطريق» فمستحيل أن تستوي شعبة القمة في الايمان مع شعبة الأدنى بجانب ذلك فهناك فقه الموازنات وفقه المقاصد والغايات وضمن هذا الاطار يأتي فقه الاقليات وهو مصطلح جديد نشأ نتيجة مجموعة من المشكلات والقضايا لدى مسلمي المهجر، وربما لم يتعرض لها الفقه الاسلامي في ديار المسلمين التي تنعم بشيء من التسامح في المعاملات فمشكلات الجاليات المسلمة المهاجرة تختلف عن المشكلات التي يواجهها المسلمون في مجتمعهم أو وطنهم الأم ومن الصعب أن نطبق عليها الاحكام التي تجري في بلاد المسلمين. وفقه الاقليات فقه ضروري لان القضايا التي تواجه الاقليات المسلمة تستدعي اجتهاد جديد وتستدعي ان يكون هذا الاجتهاد نابع من مجتهدين مدركين للبيئة وطبيعة المشكلات والمكونات.