قصة حقيقية قام بها بطلان من ابطال العراق المجاهد في احداث عام 1991 وبأسمائهم الصريحة

{ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم}

احداث عام 1991. احداث عامة شملت العراق من جنوبه إلى شماله. قام بها ابناء الشعب العراقي البطل، مطالباً النظام بأعادة الحق إلى نصابه سواء على الصعيد الداخلي ام الخارجي. حيث أن الطبيعة الاسلامية السماء المتأصلة في نفوس الشعب العراقي المسلم لا تسمح له ولغيره بالاعتداء على الاخرين وسلب حقوقهم وعندما وصل الظلم والاستبداد أعلى مراحله في عام 1991 متمثلاُ بالاعتداء على دولة عربية اسلامية جاره هب الشعب بكل فئاته (طبقاته) رافعاً شعار. نعم للحق  والاسلام لا للظلم والعدوان. ودفع على اثر تلك الاحداث الثمن الباهض حيث عانى اشد الامرين في المعتقلات والتهجير. وقصتنا التي سوف نتناولها الان هي قصة حقيقية حدثت لبطلين من ابطال هذا الشعب في محافظة البصرة يرويها السيد علي الموسوي.

يقول: في اليوم الثاني من الاحداث التقيت بأصدقائي في شارع القسم الواقع في منطقة حي الحسين (ع) (الحياتية) فطلبوا مني المشاركة معهم في ايصال صوت المظلومية للعالم ففعلت وفي اليوم التالي ذهبت أنا وصديقي قصي ثانية فلم نجد احداً منهم فرجعنا وقبل أن نصل إلى الشارع العام نظرت إلى الخلف فرأيت بعض الاشخاص يرتدون اللباس الشعبي فقلت لصديقي ارجع رأيت اصدقائنا انهم مجتمعون قرب مركز الشرطة فرجعنا وكنا على دراجة نارية وعندما وصلنا اليهم لم اعرف منهم احداً لانهم كانوا متلثمين فرددت شعار الحرية للشعب والحكم للاسلام.

فنظر لي شخص وهو يرتدي الزي العربي (دشداشة) ومتلثم. وقد عرفته من عينيه وصوته انه ضابط مركز شرطة القسم الملازم اول سامي. فأستخدمت التقية وغيرّت الموضوع فلم ينفع ذلك بشيء. فقال الملازم هذا الكلام لا يجدي نفعاً قل الحقيقة اين بقية أصدقاءك؟ فأجبته بكل شجاعة أن اصدقائي في الجبهة (حفر الباطن) قسمٌ والاخر فقد استشهد وهرب القسم الثالث وانا من الهاربين فأجابني بكلام بذيء وبلغته (يا ابن الكلب هذا الكلام ما يعبـر علينا فقل الحقيقة) اي هذا الكلام لا يخدعنا ثم سألني لماذا انت هنا؟ فأجبته انا هنا ابحث عن أخي وفي نفس الوقت اريد شراء بعض الطعام إلى اهلي. فقلت لصديقي قصي اذهب إلى السوق واشتري لنا بعض اللحوم والخضر فذهب قصي ولم يمسك به وبعدها قيدوني بالحبال. ثم جاء رجل بسيارة مارسيدس جامبو لونها ماروني طويل القامة يرتدي لباس عسكري خاص بجهاز المخابـرات ولم يحمل رتبة عسكرية فبادره الملازم سامي قائلاً: سيدي لقد مسكنا (احد الكلاب) وهذه الكلمة متداولة بين افواه خونة الشعب والوطن الذين ارتضوا العبودية للعبد دون المعبود وطاعوا المخلوق على حساب معصية الخالق. فقال: اين هو احضروه لي فأحضروني. فسألني وبأسلوب دبلوماسي رقيق بني نحن لا نريد أن نؤذيك لكن نريد فقط منك خدمة بسيطة وهي أن تدلنا على بقية اصحابك فقلت له كما في السابق انهم في الجبهة (حفر الباطن) فسرعان ما كشر عن انياب الذئب المتخفية تحت وداعة الحمل. فأجاب بأنفعال (خذوه حتى يعترف وان لم يعترف اعدموه وأرموا به مع بقية اصدقائه الكلاب) واعطوه مدة ساعة واحدة فقط كي يعترف فأخذوني إلى الطابق الثاني في غرفة بمفردي. لا يوجد احداً فيها فبينا انا جالس في الغرفة. ومقيد بالحبال. اذا سمعت صوت يقول: امسكوا به ألقوا عليه القبض ــ هنا في هذه المرحلة تبـرعم جذر الوفاء في قلب قصي وكم نحن بحاجة إلى امثاله ــ وبعد دقائق رأيت صديقي مقيد والى جانبي وهو يضحك فقلت له: كيف ولماذا جئت إلى هنا؟ فأجاب بكل شجاعة جئنا معاً أما نذهب معاً أو نموت معاً. فقلت له: لماذا لم تذهب إلى اصدقائنا وتخبـرهم عن هذه العصابة؟ فأجابني بأي وجه تريدني أن اذهب اليهم ــ تأمل هنا عزيزي القارئ صاحب اللب الكبير بهذه الاجابة ــ وجلس بالقرب مني عندها سلمت امري إلى الله فنظرت إلى السماء وقلت: يارب انت الرب وأنا المربوب، وانت المالك وأنا المملوك، وأنت العزيز وأنا الذليل. نحن عبيدك خرجنا لا لشيء الاّ لقول الحق وتوسلت بالرسول الاكرم (ص) وبالامام علي (ع) وأهل بيته الأطهار (ع) أن يخلصونا من هذا الموقف الصعب. ثم قلت إلى صديقي اقترب سوف افتح حبالك بفمي ومن ثم انت تفتح قيودي وفعلاً نجحنا في ذلك وهذه كانت الخطوة الاولى ثم كيف نخرج من البناية؟ كان  وحستِ علمي بقرب الباب مرسى يتولى امر مراقبتنا ومعه سلاح فكرت في أن يناديه احدنا وعندما يدخل يتولى الاخر امر ضربه والاستيلاء على سلاحه ثم نخرج بقوة السلاح. لكن هذه الخطة لم تتحقق لعدم وجود الحارس في ذلك الوقت إلى جانب الباب الامر الذي دعانا أن نفكر بالقفز من النافذة رغم ارتفاع المسافة لكن لا توجد لدينا طريقه اخرى وتوكلنا على الله بالقفز ونتيجة للضروف المأساوية التي مر بها العراق والقصف الجوي للحلفاء فقد كانت الحياة شبه معطلة الامر الذي ادى إلى أن تكون الشوارع مليئة بالمياه الآسفة فسرنا بسرعة فشاهدنا الحارس وجاء يسعى للقبض علينا فأخذ صديقي اتجاه واخذت انا اتجاه آخر حيث اختبئت في بيت متروك مليء بالمياه الاسنة لا يمكن للحرس أن يشكل بوجود احد فيه وما أن اسدل الليل ظلامه حتى ذهبت إلى بيت صديق لي فغيرت ملابسي ثم ذهبت إلى اهلي فرأيت الحزن قد خيم على وجوه اهلي واصدقائي لانهم اعتقدوا انه أمسك بي وأعدمت وعندما رأوني اخذوا يبكون من شدة الفرح وها أنذا اليوم لاجئاً في امريكا وصديقي في ايران ولن أنساه حتى أموت