لاشك ان تأهيل الدعاة الى الاسلام للتبليغ امر ضروري لابالنسبة الى الحاجة الملحة في الغرب فحسب، بل حتى في البلاد الاسلامية نفسها، فان الدعاة – ومع كثيرالاعتذار- غير مؤهلين للدعوة الى الاسلام اساساً، حيث انهم قرأو وفهموا الاسلام القشري (اللحية والجبة و…) وتركوا اساسيات الدين الاسلامي الذي هو حب الغيروالتعايش مع بني البشر والدعوة الى الله.

فالاسلام اضافة الى انه قانون وشريعة، هو دين يجمع بين المحبة والعقلانية واتباع الأحسن، وعليه فكما يجب على المسلمين اتباع الشريعة من صلاة وصيام وحج و…، فكذلك يجب عليهم فهم ما اراد الاسلام والرسول (ص) في دعوته.

فالرسول(ص) جاء ليتمم مكارم الاخلاق ويدعو الى هداية الامم والشعوب، لا طردها وتكفيرها، ولذلك لم يسجل التاريخ حادثة واحدة في سيرة الرسول(ص) تدل على محاربة الكفار ابتداءً او تكفيرهم وطردهم من المدينة وغيرها ، مع انهم كانوا في صميم البلد وبيدهم مقاليد الاقتصاد و… وكانوا يحاربون الرسول (ص) قبل الاسلام، ورفضوا مساندته بعد الاسلام، بل واظهروا الفساد والنفاق و…. وحروب الرسول كلها كانت دفاعية لاهجومية.

فلماذا يبدأ المبلغ اليوم وفي المدارس والمراكز الدينية بتكفير المسلمين اولاً، ومن ثم الآخرين؟

فاين يكمن الخلل؟

وهل ان الدعوة الى الجهاد مقدمة ام الدعوة الى الاسلام؟

وعليه، فالدعوة الى التأهيل يجب ان تتركز على فهم الاسلام اولاً ومن ثم كيفية الدعوة اليه، ولانعني من فهم الاسلام الصلاة والصيام وما الى ذلك، مع انها ضرورية لاشك، انما نقصد من الفهم هو استيعاب مكنون الدعوة قبل منطوقه. وهذا يعني على

الداعي التأمل في سياسة الرسول(ص) ـ الرسول(ص) فقط وفقط ولاغير- في دعوته ومعاشرته مع الآخرين، يهوداً كانوا ام نصارى، وان لايخلط

الداعي بين الجانب العاطفي – في مثل قضية فلسطين وغيرها من مآسي الامة السلامية- والجانب الدعوي.

اذ ان القضية الفلسطينية –ومع الاسف الشديد- خرجت عن اسلاميتها، واصبحت سياسية فحسب ودفاعاً عن قطعة ارض فقط، ولذلك اصبح المؤمن المتألم للقضية الفلسطينية والمتحمّس للدفاع عن الدين ضحية وجسر يعبره الساسة الى المؤتمرات والاتفاقيات السياسية.

وعليه فلايجوز التضحية بالنفس .

ولماذا لاندعو المؤمنين من رجال ونساء الى تشكيل منظمات سياسية واعلامية وانسانية، ولماذا لانشاركهم في ادارة شؤون البلاد والعباد؟

واين حرية العمل السياسي والثقافي في بلادنا كي يتحرك المؤمن من خلاله ويدعم اخوته في فلسطين اعلامياً وسياسياً؟

واين المنظمات الشعبية التي تهتم لجمع الوثائق ضد المحتلين افراداً ودولة؟

ولماذا لاندعوهم الى الجهاد الاجتماعي لسد الثغور في المجتمع الاسلامي؟

ولا اقول بفصل الجانب الديني عن السياسي، انما اقصد من كلامي عدم جدوائية ذلك. والتجربة خير دليل.

فالداعي الى الاسلام يجب ان يدعو الى مفاهيم الاسلام والتي منها: المشاركة في اصلاح المجتمع وتربيته على اساس المفاهيم الاسلامية مثل الأخوة الاسلامية، والسماح، وخدمة البشر، ومطلق عمل الخير، واستيعاب الآخر مهما كان لونه وعقيدته ومنهجه في الحياة، رفع الاغلال التي وُضعت وكل ذلك بالتي هي احسن.

فبدل التكفير والطرد، يكون العمل على شرح المبادئ الاسلامية السامية.

واختم رسالتي المختصرة بالحديث الشريف الذي روي عن صادق آل محمد(ع) حيث قال: لو عرف الناس محاسن كلامنا لاتبعونا.

الشيخ محمد تقي باقر

امين عام تجمع المسلم الحر

واشنطن

16/5/2002