نحن بحاجة إلى قراءة  جديدة للتاريخ والتوقف عند نقاط هامة كانت هي المؤثرة في وقتها في تقدم الأمة وتأخرها. كنا -ولانزال- نقرأ التاريخ من دون تأمل في صحة ما ذكره المؤرخ. نقرأ وكأننا نقلّب صفحات قصة غرامية أو رومان بوليسي. نتابع الأحداث الواحدة تلو الأخرى من دون تدبّر.

فهناك حوادث -أو شخصيات- كثيرة غطّت السياسة على محاسنها أو مساوئها. وشخصيات غطى التعصب الأعمى على منجزاتها، وشخصيات جاء بها السيف أو المال، أو غطت السيوف وا لأموال على انحرافها، وربما غطت على جرائمها.

ومعلوم أن السيوف لم تُشهر في كل حين ابتغاء مرضاة الله جلّ وعلى، فكثير منها -ومع الأسف باسم الإسلام- شهرت في سبيل السياسة. والتأريخ يحدثنا عن قادة كبار شهروا سيوفهم وأبلوا بلاءً حسناً من أجل الحصول على مغنم أو حكم ولاية كثيرة الخراج.

نعم، إننا بحاجة إلى التحرر من أوهام كثيرة حوّلها بعض المؤرخين إلى حقيقة. وبحاجة ماسة جداً إلى الوعي من غيبوبة طويلة. لقد قامت دول بالحق على حساب دول قامت بالباطل. وقامت دول بالحق على حساب دول قامت بالباطل، وقامت دول بالباطل على حساب دول قامت بالحق. وبين قيام الدول وسقوطها تضيع حقائق وتبرز أباطيل، وتموت عقائد وتحيا مذاهب، ويذهب فقهاء ويأتي أدعياء…

فالتاريخ بحاجة إلى قراءة جديدة مع تدبر وتفهم، وأحداثه في حاجة إلى أن يتم تجريدها من السياسة التي علقت بها.. وفي حاجة إلى أن يتم تجريدها من أهواء بعض المؤرخين ونزعاتهم. إذ بعض المؤرخين سكت عن أحداث مهمة، وتناسى بعضها، في الوقت الذي اهتم بها مؤرخ آخر واعتبر أحداثها مهمة للغاية.