الوعي والثقافة إما أنهما وجهان لعملة واحدة وحصيلتهما: الانتباه من الغفلة والفهم والحِفظ. وإما الواحدة منها مكملة للأخرى. فالثقافة كما -في اللغة- التمكن من العلوم والفنون والآداب، والمثقف: الحاذق، الفطن والفَهِم. والوعي: الانتباه من النوم والغفلة والعقل -أو الشعور- الظاهر، واستيعاب المواضيع. والواعي: الفقيه والحافظ، و..هذا في كتب اللغة، وعند العرف: الوعي عبارة عن فهم الموضوع أصلاً وفرعاً وسرعة الانتقال. والثقافة: الإحاطة بالعلوم والفنون المختلفة.

لو عرفنا ذلك نقول: جاء الرسول(ص) -كما في القرآن- ليضع عن الناس الأصر والأغلال التي كانت عليهم، ويتمم مكارم الأخلاق. وبَذَلَ جل جهده لتثقيف الأمة وإنقاذها من الأغلال الثقافية والاجتماعية وكبت الحريات، وتوسيع دائرة الديمقراطية في ضل الدستور الإسلامي وعبودية الواحد القهار. فكان تعليم العلم زكاةً للعلم، ومقدمةً لحرية العبيد والإماء، وكان الواجب على المسلم والمسلمة أن يتعلّم ويُعِلم ما تعلّمه لمن لا يعلم. هكذا تتحرك عجلة الثقافة وبسرعة نحو الثورة الثقافية والتغلب على الجهل السائد في البلاد. وكان العلم والثقافة متجسّداً في الإسلام وممثليه، والجهل متمثل في عَبَدَة الأوثان وحَمَلة الحطب و… وبقى الصراع المرير حتى توفي رسول الإنسانية(ص) وتمكن بعض من منع تدوين العلم وتثقيف الأمة من الاستيلاء على الحكم ورقابة الأمة. فلو كانت الأمة واعية ومستوعبة للقضايا والأحداث -في وقتها- وتأملت في ما حصل، لما استسلمت للجهل وعبودية الفرد و… ولبذلت ما بوسعها لتطبيق ما جاء به الرسول(ص)بما في الكلمة من معنى-. لكنها لم تعِ ما حصل، وبقيت على تلك الحالة حتى قَتَلَت ذرية رسول الله(ص) وسَلَبَت حريمه!! وأصبحت ذرية رسول الرحمة فاقدة الحد الأدنى من الحرية، ولا تملك لنفسها…

واليوم وبعد مرور 1358سنة -تقريباً- على حادثة عاشوراء، الأمة الإسلامية في ماذا وماذا عليها أن تعمل؟