لحمد لله الأول قبل الانشاء والآخر بعد فناء الأشياء والصلاة على خير خلق الله أجمعين النبي الكريم وآله الطاهرين.

أرغب اليوم أن أتوجه الى شباب أُمتنا الاسلامية المباركة وأدعوهم إلى الله في جولة معي في أعماق القرآن الكريم وآياته العظيمة وأبدأ معهم بسورة الحمد المباركة وفاتحة القرآن ولها تسميات أُخرى منها سورة السبع المثاني وغيرها.

وعلى شبابنا التوجه التام لمعرفة القرآن وآياته لزيادة الايمان وحصول حاصل للكمالات النفسية وصرف أوقاتهم في التوجه التام الى الله سبحانه وتعالى وسمو النفس وحملها في إقتناء الفضائل العلمية وهذا لا يمنع ما دام الانسان يريد أن يرتقي بالدين والعلم من خصيص النقصان الى ذروة الكمال كما أن النفس لها القابلية التامة (واعني بالنفس الرجل المؤمن) الذي يسمو بهذه النفس الى أوج العرفان والابتعاد عن الجهل والجهال ويغور في عمق الآيات المباركة لسورة الحمد.

فحينما يقف للصلاة، ويقول: الحمد لله رب العالمين يقول الباري تبارك وتعالى لملائكته إشهدوا ملائكتي أن عبدي حمدني واذا قال العبد الرحمن الرحيم يشهد الله سبحانه وتعالى ملائكته فيقول نعم أنا الرحمن الرحيم اطلب عبدي ما تريد فاذا قال (العبد مالك يوم الدين). قال الباري إشهدوا ملائكتي ان عبدي قد شهد أني مالك يوم الدين وأني قد غفرت له وإذا قال العبد (إياك نعبد وإياك نستعين) أشهد الله ملائكته أن عبده أطاعه واستعان به وأشهدهم باستجابة دعائه في صلاته ونوال مطلوبه. نعم فكيف وهو القائل تبارك إسمه وتعالى من يقرض الله قرضاً حسناً.

تصور أخي المؤمن ونحن عبيده سبحانه لا إله إلا هو خالق السموات والأرض وخالق من فيها وما فيها (من اعني للعاقل) من مخلوقاته في البحار والأنهار وفي البراري والجبال وأنعم على الانسان النعم الكثيرة وسبب له كل إمكانات العيش الرغيد، وأعطى له النعم الكثيرة في أعضاءه والتي يعجز هذا الانسان لو شكر الله ما بقي باقٍ من عمره على نعمة واحدة منَّها عليه يقول لعبده من يقرض الله قرضاً حسناً ثم يقول فيضاعفه له ما أعظم الخالق وما أجحد المخلوق إلا المؤمنون الذين يشكرون الله على هذه النعم العظيمة الجليلة التي إن دلت على شيء فإنما تدل على وحدة الله التي تتراءى لنا في وحدة مخلوقاته فكل شيء أمم أَمثالكم من طيور أُمم ومن أسماك أُمم ومن سباع أُمم (ومن كل شيء زوجين اثنين) أي ذكر وأنثى وهكذا تدور الدائرة على الذكر والأنثى من نباتات وأشجار وديدان وذره وغيرها الكثير.

عزيزي المؤمن: نعود ونقول لمن اعتمر قلبه الإيمان ودخل في طاعة الرحمن تمسك بعبادته وتمعن بآياته وزد في عمق ذاتك حبه وتقديسه وارتفع بنفسك الى سمو النفس باليقين وابتعد عن حضيض النقصان وارتفع بنفسك الى أوج العرفان عند ذلك تؤمن أن وراءك الموت والموت حق والبعث حق والنشور حق فإذا آمنت بقوله تبارك وتعالى حين قال (كل من عليها فان) وآمنت بقوله: (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات) وآمنت بقوله: (إذا أُلقوا فيها سمعوا لها شهيقاً وهي تفور) عندما تؤمن ان وراءك الموت ووراء الموت أما جَنَّة أو نار عند ذلك تسخو نفسك وتبذل قصارى جهدها في عمل المعروف وبذله ومساعدة الاخوان ومقابلة المسيء بالاحسان والتجاوز عن الحمقى ببذلك سعة الصدر واعلم ان هذه الدنيا الفانية قد تمثلت للمسيح على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام في حديث (لمولانا موسى بن جعفر) بأمرأة زرقاء قال كم تزوجت قالت كثير قال كلٌ طلقكِ قالت بل كلاً قتلت قالت فويحٌ لأَزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بالماضين. عزيزي المؤمن نحن أزواج الدنيا التي تمثلت للمسيح على نبينا وعليه السلام أما نطلقها ونزهد فيها ونترك لهوها وطربها وأما أن تقتلنا بشهواتها ولذائذها ونُذَلُ لها وأخيراً فليس لنا إلا التمسك بالله وكتابه والاعتصام بحبله لتكون أُمة بحق (خير أُمة أُخرجت للناس)