هناك دوافع شتى تندفع من خلالها اليونان في عدائها للغرب والغربيين، هذا العداء المستحكم الذي لم تكن تنفرد به فئة دون أخرى على الرغم من انتماء اليونان الى العالم الغربي.

فالكنيسة الأرثوذكسية ذات النفوذ في اليونان تكره الغرب بدافع اتهامه – كغرب كاثوليكي بروتستانتي – بالتسبب في الانحدار الأخلاقي، وتشويه القيم الاصيلة لشعب اليونان.

وتيار اليمين القومي اليوناني يكره الغرب لكونه يمارس ضغوطاً على اليونان للسعي للتقارب مع الاتراك، هذا الى جانب وقوفه الى جانب المسلمين في كل من البوسنة وكوسوفا.

اما التيار اليساري في اليونان فينطلق في عداءه للغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الاميركية – من منطلق كون الغرب هو مصدر الرأسمالية والامبريالية والاستعمار، هذا علاوة على كون الغرب السند الرئيس لحكم الجنرالات إبان فترة السبعينات.

هذا المنطلقات المختلفة من قبل التيارات السياسية التي يجمعها العداء للغربي والغربيين كلها قادت الى غض الطرف عن الاعمال الارهابية التي تمارس ضد الغرب ومصالحه وافراده في اليونان من قبل بعض المنظمات الارهابية اليونانية.

ولكن هذه الرعاية الرسمية للارهاب ضد الغرب باتت تنحسر شيئاًَ فشيئاً مع تطلع انظار اليونانيين نحو استضافة دورة الالعاب الرياضية الأولمبية لعام 2004.

فالى جانب التغير في الموقف الداخلي، بهدف استضافة الدورة الرياضية المذكورة هناك ضغوط خارجية يصعب تجاوزها تدعو الى تغيير اليونان موقفها العدائي المستحكم ازاء الغرب والغربيين، كما تدعو اليونان الى عدم التساهل مع تلك المنظمات التي تمارس الاعمال الارهابية ازاء الغرب ومصالحه وافراده في اليونان.

هذه الضغوط الداخلية والخارجية كلها قادت الى سعي الحكومة اليونانية والبرلمان اليوناني الى تغيير مواقفه المارة الذكر.

فقد وافق البرلمان في اثينا قبل ايام على اجراء تغييرات هامة في التشريعات المتعلقة بالجرائم، بما يكفل التضييق على أعمال العنف المذكورة ومرتكبيها.

يجدر بالذكر ان هذا المشروع تم اقراره قبل يوم واحد على مرور الذكرى المئوية لاغتيال منظمة (17 نوفمبر) ديبلوماسياً بريطانياً في العاصمة اليونانية اثينا، هذه المنظمة اليسارية المتطرفة كانت قد ارتكبت العديد من الاعمال الارهابية المماثلة، ومع ذلك لم يعتقل أي من اعضائها حتى اليوم