قُدر لنا أن نعيش في زمن صودر فيه الحب ليصبح رقاً في سوق النخاسين… في زمن غاب فيه الخير عن القلوب ليجمع في ملفات حاكتها العناكب بخيوط واهية، لتوضع في أرشيف المكتبات المهجورة، في زمنٍ ظهر فيه الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، وصار فيه الطيبون كالجمر تحت أكوام الرماد… في زمن الرماد.. وصار الوصول إلى القلوب الطاهرة كالوصول إلى اللؤلؤ المدفون في أصداف أغتيلت من قعر بحر مسافر… صار الوصول إليها دونه خرط القتاد..

في زمن صنعت فيه للطفولة بدل الدمى دبابات وطائرات ومسدسات تلعب بها الأيدي الصغيرة ببراءة الندى لتورثهم القتال عن مبادىء آبائهم المتهرئة… في زمنٍ أصبحت كلمة البراءة كلمة فرعونية لا تحيط بها المعاجم الحديثة ويسأل عنها الراسخون في العلم.

في زمنٍ صار الرغيف فيه يقايض البكارة!!!

في زمنٍ ورثت جميع العقد التاريخية، وصارت تحفظ عن ظهر قلب كل المظالم التي شادتها بقايا العقول النتنة على مدى الأيام المظلمة، في زمن صارت الشمس حين تشرق تغيب كل مظاهر الحياة، وحين تغيب تشرق عيون لصوص الحق.

الهوة صارة كبيرة والفجوة اتسعت لتشمل كل شيء متجانس فلماذا نبقى نسير على جمال الضياع ونحن في زمنٍ قد أجمع العالم على محاربتنا وتجاهلنا والتعتيم على مصيرنا، فلماذا نعاب مع العالم-0 أنفسنا، لنفكر لحظة بجد ونشد حزام الفكر على بطون عقولنا التائهة.

أنحن مأمورون بالسكوت والذل والخضوع، أم هي الأنفاس تلوثت بعدما جمع الاوكسجين من الهواء فمتى هذا الأخير، صار حكراً على أرباب الثراء الغير مشروع والمتاجرين بمعاناة ومأساة اللاجئين شيدوا منه تماثيل قد زينت مداخل قصورهم في (طبيعتهم المحمية)..

ولماذا الحيرة والتشكيك هل عجزت كاميرات عيوننا عن تصوير ورصد الطرق الصحية وسط زوبعة النفاق البشري، إن كان كذلك فلنسدل ستائر الرموش على خشبة مسرح العيون ولنبعد اليأس عن أرواحنا ولتشتعل فينا شجرة الأمل، فكل آهة تخرج من بخار الدم مستنكرة فالحقيقة هي حرية الروح وليست حرية الجسد الحقيقة هي أن الإنسان هو الذي يصنع قدره وليس الآخرون.

جميل الربيعي