محمد حميد الصواف

مرة اخرى يصيبنا الاحباط بسبب قصص متجددة لشبان فقدوا ارواحهم على طريق الهروب… فقد سأم جميع العراقيين الصراعات والفساد والحرب التي لم يفت لها عضد على الرغم من اربعة عقود من القتال..

وقد يكون عزاء الشباب القتلى الوحيد ان ارواحهم ارتقت بعيدا عن موطن بؤسهم، تتلاطم اجسادهم بامواج بحر المانش، وقد تحقق جانب من طموحهم، فها هم قد غيروا مصيرهم وقتلوا بعنفوان على ضفاف الحرية بعيدا عن الاسبتداد والقمع والفساد المستشري في ارض ابائهم العراق.

وكما هو حال ابرز مهرج السرك العالمي بابتسامته الصفراء ونظراته المليئة بالتهكم والسخرية قصة احدى ضحايا الهجرة غير الشرعية من العراق الى بريطانيا، مستعرضا بكل ما اتيح له من تشفي ممزوج بتعاطف كاذب مصير السندريلا كما اسماها، العراقية الكردية مريم نوري، الملقبة بـ(باران).

ايها الاخوة والاخوات.. بينما اكتب هذا التعليق حول حادثة مقتل غرقى بحر المانش، يتعرض المئات من الشباب الى القمع والتنكيل في مناطق كوردستان، الجزء الشمالي  شبه المستقل من العراق.

فقد عثرت شرطة البحرية البريطانية على جثث 27 مهاجر عراقي كان مصيرهم الموت بعد ان تاه بهم القارب الذي يستقلونه في طريقهم عبور بحر المانش من فرنسا الى بريطانيا.

الشباب الغرقى الذي لم يتعرف على اسماء كثير منهم حتى الان، فروا من مناطق عراقية تنعم بالاستقرار الامني، الا انها تشكو من استبداد سياسي وفساد اداري وقمع امني تسبب بمعاناة سكان الاقليم الشمالي ذو الغالبية القومية الكوردية.

ولكن الوضع ليس بافضل حال في مناطق وسط وجنوب العراق او حتى المحيط الاقليمي لهذه الدولة، لم يجد الالاف الشبان والشابات سوى في الهروب من واقعهم البائس صوب بلدان العالم الديمقراطية، والتي بطبيعة الحال الدول الاوروبية الغربية هي الاقرب والاقل تكلفة، على الرغم من المخاطر الحقيقية التي تعترض طريق خلاص الشبان المنشود.

وما (الباران) او (السنديرلا) كما يسميها بعض المعلقين على طريقة موتها المؤلمة، صورة استأثرت اهتمام الاعلام على الرغم من وجود مئات القصص الاكثر ايلاما ووجعا للضمير الانساني، هذا الضمير الذي تلاشى لدى معظم القادة العراقيين.