رغم إدانة المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان أوضاع السجون الفرنسية منذ حوالي ثلاث سنوات، وإصدارها أمراً بالحدّ من الاكتظاظ هناك في كانون الثاني/يناير 2020، غير أنّ الإحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة العدل الفرنسية والتي نشرت يوم الأحد تشير إلى اكتظاظ السجون الفرنسية بما يفوق قدرتها الاستيعابية بنسبة 120‎%‎؛ حيث سجّلت السجون الفرنسية في الاول من تشرين الثاني/نوفمبر72809 معتقل بما يتجاوز الطاقة الاستيعابية المقدّرة 60698 شخصاً.

وبسبب هذا الاكتظاظ، أُرغم 2225 سجيناً على النوم على فرش على الأرض.

ولم تنجح المنظمات الحقوقية الفرنسية في مساعيها لوضع حدّ لهذا المساس الخطير بحقوق السجناء الأساسية، فاصطدمت برفض مجلس الدولة الفرنسي لطلبها في 11 تشرين الثاني/نوفمبر، بينما اكتفت الحكومة بتقديم وعود ببناء 15 ألف مكان إضافي جديد في السجون بحلول عام 2027!

إنّ التقارير الأخيرة تدعو للأسف والقلق على ما آلت إليه أوضاع السجون وحقوق السجناء في فرنسا، كما تبعث على الإحباط من تعاطي السلطات المعنية حتى الآن مع هذه الحالة في بلدٍ كفرنسا التي يفترض بها أن تكون نموذجاً للحرية والإنسانية وحقوق الإنسان.

إنّ نشر الأرقام الأخيرة حول السجون في فرنسا يؤكد مرةً أخرى على أهمية حرية انتقال المعلومات في تسليط الضوء على معاناة هذه الشريحة المهمّشة وإتاحة الفرصة للمنظمات الحقوقية في القيام بدورها للضغط على الجهات المعنية لتحمل مسؤوليتها القانونية والأخلاقية، ناهيك عن أنّه يدق ناقوس الخطر بشأن أوضاع المعتقلين في الدول التي تحجب فيها السلطات الحقائق وتمارس القمع بحق وسائل الإعلام المستقلة.

في هذا السياق، نحذّر من تدهور ظروف الاعتقال والحجز في عدد من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ظل الأزمات السياسية و الاجتماعية والاقتصادية التي تعصف بها مؤخراً؛ إذ تحولت شمّاعة لشنّ حملات الاعتقال العشوائية والاحتجاز التعسفي وفرض مزيد من صنوف التضييق والضغط والحرمان والتعذيب على المعتقلين بما يهدد حياتهم وسلامتهم.

إننا إذ نعرب عن خيبة أملنا من تدهور أوضاع السجون الفرنسية، ندعو السلطات في ذلك البلد لتحمّل مسؤوليتها القانونية و الأخلاقية في تحسين ظروف المساجين وإيجاد البدائل الإنسانية والبرامج الإرشادية التي تسهم في إطلاق سراح المعتقلين أو التخفيف من عقوباتهم، كما نعبّر عن دعمنا لجهود المنظمات الحقوقية في متابعة القضية حتى تحقيق أهدافها بتحسين ظروف المساجين والسجون، ونهيب بها ألاتقصر نطاق اهتمامها ونشاطها بذلك البلد فحسب، بل توسّعه ليشمل المعتقلين والمحتجزين في سجون البلدان التي تندرج في القائمةالسوداء لانتهاك حقوق الإنسان.