وفي حديث إلى بي بي سي قال أندرو نيوبيرج طبيب الأشعة في جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة “إنني أعتقد أننا بصدد وقت رائع في تاريخنا، حين نصير قادرين على استكشاف الدين والأمور الروحية من طريق لم يظن أحد من قبل أنه ممكن.”

وقد درس نيوبيرج وفريقه مجموعة من الرهبان البوذيين في التبت وهم يمارسون التأمل لمدة ساعة تقريبا، وذلك باستخدام تقنيات تصوير المخ.

وطلب من الرهبان أن يسحبوا بيدهم خيطا حين يصلون إلى حالة التأمل القصوى، وعن طريق تلك العملية تحقن في دمهم كمية ضئيلة من مادة مشعة يمكن تعقبها في المخ، مما مكّن العلماء من رؤية الصبغة وهي تتحرك إلى مناطق نشطة من المخ.

الإحساس بالفضاء

وبعد أن انتهى الرهبان من التأمل، أعيد تصوير المخ، وأمكن مقارنة حالة التأمل بالحالة العادية.

وأظهرت الصور إشارات هامة بخصوص ما يحدث في المخ أثناء التأمل.

ويشرح د. نيوبيرج ذلك بقوله إن الصور أظهرت “زيادة في نشاط الجزء الأمامي من المخ، وهي المنطقة التي تنشط في الإنسان العادي حين يركز اهتمامه على نشاط معين.”

وبالإضافة إلى ذلك شهد الجزء الخلفي من المخ انخفاضا ملحوظا في نشاطه، وهي المنطقة المسؤولة عن إحساس الإنسان بالمكان. مما يؤكد الرأي القائل إن التأمل يؤدي إلى نقص الإحساس بالمكان.

ويعلق د. نيوبيرج بأنه “أثناء التأمل، يفقد الناس إحساسهم بأنفسهم، ويمرون كثيرا بتجربة الإحساس بانعدام المكان والزمان، وقد كان هذا بالضبط ما رأيناه.”

قوة الصلاة

كما تتشابه التفاعلات المعقدة بين مناطق مختلفة في المخ أثناء التأمل مع التفاعلات التي تحدث أثناء ما يسمى بالتجارب الروحية أو الغامضة.

وكانت دراسات سابقة أشرف عليها د. نيوبيرج قد أجريت على نشاط المخ لدى راهبات فرنسيسكان أثناء نوع من الصلاة تعرف بصلاة “التركيز”.

ويتسبب الجزء اللفظي من الصلاة في تنشيط أجزاء من المخ، لكن د. نيوبيرج وجد أنها “نشطت منطقة الانتباه في المخ، وقلصت نشاط المنطقة المسؤولة عن الوعي بالمكان”.

وليست تلك المرة الأولى التي يفحص فيها العلماء أمورا روحية. ففي عام 1998، برزت الأهمية العلاجية للصلاة حين درس علماء في الولايات المتحدة مجموعة من مرض القلب وجدوا أنهم يعانون من مضاعفات أقل بعد فترة من الصلاة.