كل خصلة ذميمة، وكل مستقبح من الظواهر الاجتماعية التي تحدث في العالم لا بد ان تلقى على عاتق الشرق، وهذا جزء من ساسية مخطط لها باحكام هدفها إيجاد الحواجز بين الانسان الشرقي ومجتمعه وحضارته، فيعشق الثقافات الاخرى، فيظل عائماً لا هو أدرك ما عشقه، ولا ما تنصل منه.

ومن الظواهر الاجتماعية ظاهرة الاعتداء على المدرسين، التي تساهم وسائل إعلامنا في تهويلها وكأنها المشكلة الوحيدة التي يعاني الشرق منها، كالذي نشرته مؤخراً صحيفة الشرق الاوسط عن ظاهرة الاعتداء على المدرسين، والتي ربطتها بموسم الامتحانات، واعلان نتائجها فكان ان اسست لظاهرة موسمية.

ان هذه الأمور – على قبحها – لم تكن من متفردات الشرق لوحده، بل تجد الغرب يعاني من آثار هذه الظاهرة بنفس الدرجة التي يعاني منها الشرق إن لم نقل بتفوق معاناته من هذه الظاهرة على معاناة الشرق منها.

فالطلبة الغربيون يبتكرون احدث الطرق في التجاوز على المدرسين، ففي بريطانيا على سبيل المثال يضع بعض الطلبة نوعاً من الصمغ فائق القوة على الحمام وذلك لكي يلتصق المعلم نتيجة دخوله الحمام، وهذا ما حصل فعلاً مع احدى المعلمات التي لم تتخلص من هذا الفخ الذي نصب لها إلا بتدخل قوات الطوارىء.

وفي أميركا لم يكن خافياً علينا اعمال العنف المتزايدة التي تعاني منها المدارس الاميركية والتي راح ضحيتها – ولا زال – الكثير من الطلبة والكادر التدريسي.

أما في بلجيكا فقد نقلت هذه الظاهرة الى البرلمان ليطلب من وزير التعليم تقديم إحاطة بما يحدث داخل المدارس من حالات عنف تجاه الهيئة التدريسية مما دفع الوزير الى ذكر التالي:

ان عدد المدرسين الذين تعرضوا للضرب اثناء تأدية وظائفهم بلغ 31 مدرساً في العام 2000 مما اضطرهم الى الحصول على اجازات مرضية نتيجة تعرضهم للضرب.

واضاف الوزير ان النسبة في تزايد مستمر اذ ان عدد المدرسين الذين تعرضوا للعنف والضرب هذا العام هو 25 مدرساً – علماً ان العام لا يزال في أوله – وهذا يدل بما لا شك فيه على ارتفاع نسبة العنف ضد المدرسين، وعلى سوء العلاقة بين المدرس والطالب.

يذكر ان الاعتداءات المذكورة كانت قد وقعت بأساليب مختلفة ضمن اشتباك بالايدي، الى قذف المدرس باشياء مختلفة داخل الفصل، الى استخدام السلاح – السكين – ضد المدرس.

فاذا كان الغرب الذي نعاني – دوماً – عقدة الحقارة أمامه يضج باحداث، واعتداءات كهذه فلماذا نعتبر ما عندنا خارقاً للعادة في حين انه لا يرقى الى المستويات التي سبق ذكرها مما يحدث في العالم المتقدم صناعياً