أسوة بالكثير من المجتمعات والطوائف اقترنت الطوائف الشيعية المنتشرة على وجه التحديد وسط وأطراف إقليم الشرق الأوسط بأحداث ووقائع متباينة من حيث الاستقرار والاضطراب، وانسحب على الشيعة أفرادا وجماعات تداعيات الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية أسوة أيضا باقرانهم من مواطني تلك البلدان.

إذ لم تغفل الأحداث في كل طارئ أو مستجد الشيعة عن اخذ حصتهم من الأفراح أو الارتاح.، أن لم نستثني مفارقة أن ارتاحهم في معظم الحقب الماضية كانت أكثر من افراحهم ولا يزال، خصوصا مع استمرار الارتياب الاجتماعي والسياسي منهم، خصوصا انهم يشكلون في تجمعهم جزيرة صغيرة وسط بحر ممن يختلف عنهم مذهبيا، فالسواد الاعظم ممن يعتنقون الدين الإسلامي الذين ينتمي إليه الشيعة هم من السنة.

وبما أن الاختلاف بات مقبولا، لا بل مرحبا لدى معظم الأمم، لا يزال يمثل في عالمنا الإسلامي مبررا للريبة والشك والتخوين لدى كثير منهم.

وقد عانى الشيعة ما عانى بسبب اختلافهم المذهبي مع أقرانهم المسلمين، اذ لطالما جهد ساسة الطوائف السنية في التضييق والحصار وإحباط اي مسعى للشيعة في التصدي أو المشاركة في إدارة امور المسلمين، ويذخر التاريخ بالعديد من الأمثلة الشاخصة حتى عصرنا الحالي.

ابتداء من الإبادة التي ارتكبها صلاح الدين الأيوبي بالفاطميين ودولتهم بمصر، مرورا بالعثمانيين بشيعة العراق، والسعوديين َالمصريين بالدولة الأمامية في اليمن،  واخيرا في عصرنا الحالي من حروب تخوينية بحجج التبعية لإيران ضد العراق واليمن وشيعة لبنان أيضا.

ولو سلمنا جدلا أن ما يجري من إحباط مقصود من قبل الأنظمة العربية السنية ضد الأنظمة الإسلامية الشيعية لا يتعدى صرعا سياسيا بحتا بين معسكرين غربي وشرقا انقسم المسلمون بينهما، وان ما يترتب عليه من معاناة شملت السنة والشيعة بمقدار متقارب، فما يؤخذ عليه ويعاب فشل الساسة الشيعة في تهيئة سلطان شامل قادر على احتواء جميع الشيعة بمختلف توجهاتهم السياسية والفكرية والمرجعية.

فما يقع من الشيعة بحق الشيعة أنفسهم لا يقل حيفا ممن جار عليهم من خارج ملتهم، فمن يقتلك جوعا وؤسا لا يقل عمن يقتلك برصاصه أو قنابله، وان كان عند كثيرين الموت السريع رحمة للقتيل من الموت صبرا بالجوع.

لقد نسي ساسة الشيعة بعربهم وعجمهم ما جبل عليه اتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام الذين يدعون الانتماء إلى مدرستهم، ونسوا أيضا أن العدل اساس من أركان الإسلام، وان الغاية مهما كانت لا تبرر الوسيلة، وان الله لا يعبد من حيث يعصى، وان الرعية اما نظيرة في الدين أو الخلق.

لقد أغفل قادة الشيعة اساس دوام الدول، عن جهل أو قصد، فركبوا ملذاتهم واغراهم السلطان ونسوا ما عاناه آبائهم واجدادهم في سبيل العيش السوي،.

يبتهلون في دعائهم إلى الله أن يمن عليهم بدولة عادلة، وعندما اناخ لهم القدر لبناء تلك الدولة وتأسيسها، بادروا إلى بناء عروشهم فقط، فمارسوا بحق اخوتهم من الشيعة عنصرية وتمييزا وتهميشا وإقصاء لا يقل عمن سبقهم.

فغيبت الكفاءات وحقر كل ناصح وبات يرتع في مقدرات دولتهم المتلوننين والنفعيين والمرتزقة من الجهلة والاغبياء، ولنا في العراق ابسط مثال.

محمد حميد الصواف