في الوقت الذي تنعم به معظم اقاليم المعمورة بالأمن والسلام والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، تقف اجزاء واسعة من شعوب الشرق الاوسط على صفيح ساخن، تشتعل على ارضه الصراعات المسلحة والحروب العبثية الممزوجة بالتعصب الاعمى والكراهية بين الخصماء المتقاتلين، ناجمة عن قصر نظر للقيادات والرؤساء والحكام في جدوى العداء القائم بين الاطراف المتنازعة، الى جانب الاستخفاف الكبير بالحرمات والمقدسات التي تقف في طليعتها حرمة القتل والدم، وما يسفر عنه من عواقب لا تستثني طرفا دون آخر.

اذ تبين خارطة المناطق الساخنة في الشرق الاوسط بشكل خطير الى انتشار بؤر الصراعات المسلحة في العديد من الدول، كأفغانستان وباكستان واليمن وسوريا ومصر وليبيا، فيما لا تزال بعض الدول الإقليمية الأخرى ضمن دائرة التهديد بنشوب حرب او اقتتال في اي وقت.

فالسلام الهش لدى بعض الدول في الشرق الاوسط يمثل تحديا يقلق شعوب المنطقة ويدفعها الى البحث عن ملاذ آمن باستمرار، خصوصا مع تأثر اقتصاديات تلك البلدان بالحروب المشتعلة بجوارها.

الى جانب ما تقدم، تعاني الكثير من الدول من اضطرابات سياسية تنغص الامن والسلم الاجتماعي، لأسباب مختلفة كغياب العدالة الاجتماعية والفساد السياسي والاستبداد بالسلطة او عمليات القمع والتنكيل والاعتقال بحق المعارضين والمحتجين والمخالفين لنهج السلطات، فيقبع آلاف من معتقلي الرأي في سجون بعض الدول بسبب نشاطهم المعارض، فيما يخضع آخرين لأحكام تصل الى عقوبة الإعدام، الى جانب التغييب القسري للمدنيين.

وفيما تحل على المجتمع الدولي الذكرى السنوية ليوم السلام العالمي التي اقرت من قبل الأمم المتحدة في الحادي والعشرين من ايلول/ سبتمبر من كل عام، تطل علينا تلك الوقائع المؤلمة لبلدان الشرق الاوسط، مما يدعونا مجتمعين كمنظمات انسانية وحقوقية وهيئات دولية الى العمل على الحد من تلك الإشكاليات، والمساهمة الفاعلة في تخفيف حجم المعاناة التي تمر بها تلك الشعوب، والسعي وفق مقررات الامم المتحدة والاتفاقيات الدولية لحفظ السلام العالمي.

حيث خصصت الجمعية العامة هذا التاريخ لتعزيز المثل العليا للسلام في الأمم والشعوب وفي ما بينها، واعتمدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اهدافا للتنمية المستدامة لما أدركته من أن بناء عالم ينعم بالسلام يتطلب اتخاذ خطوات لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لجميع شعوب الأرض في كل مكان، ولضمان حماية حقوقها.

وتشمل الأهداف الإنمائية طائفة واسعة من القضايا، بما فيها الفقر والجوع والصحة والتعليم وتغير المناخ والمساواة بين الجنسين والمياه والمرافق الصحية والطاقة والبيئة والعدالة الاجتماعية.

والله ولي التوفيق