عبد الحسين صادق

القائد الناجح هو الذي يبني كل حساباته على أرض الواقع، فيعتمد الحقيقة والصدق والأرقام والدقة كلما أراد ان يرسم استراتيجية او يصوغ تكتيكاً أو يضع خطة، اما القائد الفاشل فبالعكس، فهو اذ يعيش الوهم في كل لحظة فلا تأتي قراءته للواقع حقيقة ولا تلامس خطواته حقيقة الامور، ولذلك تراه يخرج من فشل ليدخل في فشل آخر ويتخلص من هزيمة ليعيش أخرى، والتضحيات حتى المكاسب منها لا يعرف كيف يحافظ عليها لانه لا يقدرها بشكل دقيق ولا يحسبها كالحقائق وانما يحلو له دائماً أن يضخمها، كما يتمنى دائماً ان ينال من قيمة الفشل أو الهزيمة بالتبرير فيمر عليها ولا يتوقف عندها لا للمحاسبة ولا للمراجعة، ان الناجحين لا يعيشون الوهم ابداً ويرفضون السراب دائماً وانما تراهم يبحثون في كل خطواتهم عن الحقائق واللغة العلمية والارقام الدقيقة والتقييم الواقعي سواء كان لهم أم عليهم، حتى يشيدون بنيانهم على ارض صلبة حقيقية غير زائفة فهم لا يبنون على الرمل ولا ينقشون على الماء انما يحفرون خططهم على الصخر ثابتة لا تهتز حقائقها امام العواصف، الناجحون يعتمدون الحقيقة والفاشلون يستهويهم الوهم، الناجحون لا يقدمون إلا بعد التمحيص في ما عندهم من الأرقام والاخبار والمعلومات، والفاشلون يقررون بمجرد ان يروا السراب امامهم، ولكل ذلك ينجح الناجحون ويفشل الفاشلون ولكن من الذي يصور الوهم للقادة؟ ومن ذا الذي يقدم لهم السراب بانه ماء؟

أولأ: العدو، فمن المهم عنده ان تأتي حسابات القادة موهومة وخاطئة بعيدة عن ارض الواقع، حتى يفشلون في خططهم ومشاريعهم واستراتجيتهم فلا يحققوا شيئاً يذكر قد يؤثر سلباً عليه وبالتالي ليبقى في مأمن من خططهم ونشاطاتهم ومشاريعهم وجهودهم التي تظل تبقى كالسراب لا تحقق انجازاً او نجاحاً ابداً.

ثانياً: المتزلفون والوصوليون، الذين يهمهم جداً استرضاء القائد بأي ثمن، فيكذبون ويضخمون ويمدحون ويتزلفون، فليس المهم عندهم ان يخطأ القائد في حساباته وتصوراته انما المهم عندهم ان يرضى عنهم فيقربهم ويبعد الآخرين، وللاسف الشديد فإن من القادة من يتصف بصفة القابلية على تذوق الوهم والقابلية على الاسترضاء والقابلية على الاستماع الى المدح دون النقد، ومثل هؤلاء حليفهم الفشل، لانهم اقرب ما يكونون الى الوهم والسراب فقط