نظراً للمرحلة الخطيرة التي آلت إليها الأمور في إيران ، والتي تمخضت عن إغلاق العديد من الصحف ، والبعض من إعمال العنف ، أصدر تجمع المسلم بياناً دعا فيه طرفي المواجهة إلى وضع النظام الإسلامي نصب أعنيهما مع وضع بعض الحلول للمصالح فيما يلي نصه :

من دواعي افتخار الإنسان المسلم  انتسابه إلى الدين الذي جاء به ـ من عند الله تعالى ـ أعظم رجل عرفته البشرية . والأكثر فخراً للمسلم مما تقدم ذكره هو انتهاجه المنهج الذي سار عليه نبي الإسلام حقاً فإن مقدار انتهاج المنهج المحمدي الأصيل يعقب قرباً من الله تعالى الذي يقول في كتابه الكريم :

(ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا …)

إذن فمقياس القرب من الله تعالى هو بمقدار السير على نهج نبي الإسلام محمد (ص) .

والمعروف ـ الذي لا يخفى على أحد ـ أن رسول الله (ص) لم يكن يصادر آراء الآخرين وهذا الأمر عُرف عنه سواء كان ذلك قبل الهجرة ، أم بعد الهجرة ، وليس أدل على ذلك من إجابته للشاعر الذي كان يدعي بأنه يأتي بكلام يضاهي به القرآن الكريم حيث انشد أمام الرسول قائلاً :

دنت الساعة وانشق القمر              لغزال فر من ونفر

بقوله (ص) : (كلامك جميل ولكن كلام الله أجمل) .

ونحن حين نرجع بالذاكرة عشرين سنة إلى الوراء ـ وهي السنين التي يتكون منها عمر الثورة الإسلامية ـ فهل نجد في أوليات الثورة وواقعها ما يثبت انتهاجها منهج رسول الله (ص) الذي يفتخر قادة الجمهورية الإسلامية أنهم من أتباعه ؟

بتطبيق منهج رسول الله على الثورة الإسلامية يتضح لنا مدى الابتعاد الذي كانت عليه الثورة عن نهج رسول الله (ص) .

فرسول الله (ص) حين أقام الدولة الإسلامية كان يستوعب آراء الآخرين ولم يقاطع أحداً اختلف معه بالرأي مع العلم أن رسول ا لله مسدد بالعصمة ومتيقن من صحة منهجه ، ولكنه لم يكن ينصاع لرأي جماعة من أصحابه بمعاقبة المخالفين له حذراً مما يطلق عليه اليوم بالاصطلاح السياسي (الثورة تأكل أبنائها) …

ولكن هل حصل هذا بالفعل من قبل قادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية ؟

الجواب منفي قطعاً ، فما حصل في بداية الثورة مع آية الله العظمى شريعتمداري ، وآية الله العظمى الشيخ الخاقاني ، ومن بعدهما الله العظمى الشيخ منتظري يقدم لنا الإجابة الوافية على ما تقدم . فالجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تكن قد قامت لو لم تلق الدعم الكافي من قبل العلماء سواء المتقدم ذكرهم أم غيرهم فيمكن القول بأن العلماء هم أهل الثورة ، وأن ما حصل معهم إنما يثبت على الثورة بشكل : (الثورة تأكل أبنائها) .

ولكن من يمارس هذا المنطق حيال الآخرين لا يأمن أن تدور عليه الدائرة يوما وكما يقال : (إذا حلق ذقن جارك فهيّء ذقنك) وهذا ما حدث فعلا مع البعض ممن نال العلماء الويل منهم باسم الجمهورية الإسلامية واطروحتها ، ولكن حين خلت الساحة من الرأي الآخر ، كان أن ضرب هذا البعض بما ضربوا به الآخرين فلقد قيل في ذلك قديماً .

فالنار تأكل بعضها أن لم تجد ما تأكله .

وهكذا بدأت الخلافات تدب في داخل الجمهورية الإسلامية وهذا أمر طبيعي ، ونتيجة حتمية مترتبة على مقدمات لا بد أن تؤدي إلى ما آلت إليه الأمور الآن .

هذا من طرف الذي الفصيل الذي كان يمتلك زمام السلطة ، أما من جنة الفصيل الذي بدأ يزحف إلى السلطة فهذا الفصيل كان على المبادئ الأرضية بدرجة كبيرة دون أن يحسب حساباً للموازنة بين ما اتكأ عليه ، والنظام الذي قامت عليه الجمهورية الإسلامية فهذا الفصيل وبدلاً من أن يستند على آراء بعض العلماء في نتجية الأحكام الإسلامية في غياب الإمام المعصوم كان قد استند في دعوته إلى ذلك إلى الأنظمة الحديثة وكأن الدين الإسلامي يخلو من علماء بالمستوى الذي يمكن أن يستند إلى آرائهم . ان هذه الدعوات إنما هي ردود فعل للضغوط التي مورست ضد الرأي الآخر على مدى أكثر من خمسة عشر عاماً ولكن هذا غير مقبول أيضاً الضغط لا يجب أن يفقد الإنسان المضغوط عليه توازنه فيما لو تهيأت الفرصة لمقاومة هذا الضغط .

أن الفرصة لم تفت لتصحيح الأمور ، بل مازالت مؤاتية ، وأن هناك متسع من الوقت لإعادة الأمور إلى نصاها ، وليدع كل طرف من الأطراف العزة جانبا في سبيل إنقاذ كيان قائم معرض للانهيار ، ولنأخذ من السياسة المعاصرة درسا كذلك ، فحين تمسك قائد أكبر سياسية في العالم برأيه لم يكن الرأي العام لخفف من الضغط عليه بخلاف ذلك كان الأمر حين اعتراف باخطاءه ، ولا يقل أحد إننا لا نستقي دروساً من السياسة المعاصرة ، فإننا شئنا أم أبينا نمارس ما يمارسه الآخرون فكل منا يملك دولة .

الأمانة العامة لتجمع (المسلم الحر) تقدم بدورها بعض المقترحات التي من شأنها أن تساهم في عملية المصالحة بين الطرفين المتناحرين وهذه المقترحات تتمثل في :

1 ـ تعزيز دور المرجعيات غير المرتبطة بالدولة ، فهذه المرجعيات بدورها ستساهم في الإشراف الدقيق على سير الأمور الدقيق على سير الأمور والحيلولة دون الانحراف بها عن النهج الصحيح .

2 ـ فسح المجال للاحزاب السياسية المعتدلة ، والاستماع لبرامجها .

3 ـ تنحية العنف جانباً إذ أنه لا يولد غير العنف .

بيان (المسلم الحر) حول أحداث الفلبين .

كما أصدرت الأمانة العامة لتجمع المسلم الحر بياناً حول القضية التي شغلت العالم في الفلبين أعني قضية الرهائن الذين اختطفتهم جماعة أبو سياف وبالنص التالي :

بدلاً من أن تسعى بعض الحركات الإسلامية نحو كل ما من شأنه تعزيز ثقة العالم بالبلدان التي تحل فيها وعكس الصورة الحقيقية للإسلام ، الدين الذي عرف عنه تعامله مع الأمور بهدوء قلما نجد مثله في غيره من الاطروحات تجدها تنتهج نهجا لم يكن الإسلام قد وضعه في سلم أولوياته .

وما حدث في الفلبين مؤخراً يعد واحداً من هذه الممارسات التي من شأنها أن تسيء إلى سمعة الدين الإسلامي التي تعد الرصيد الذي ما فتئ علماء هذا الدين وابناؤه المخلصون يحافظون عليها .

أن محاولة لفت الأنظار التي تحاول مجموعة أبو سياف القيام بها لا يعود على البلاد بغير الضرر ولا تقود إلا إلى ما لا يحمد عقباه .

تجمع المسلم الحر في الوقت الذي يدين فيه مثل هذه الممارسات يدعو الحكومة الفلبينية إلى التعامل مع الموضوع بحذر شديد لئلا يقود القرار المتسرع لحل الأزمة إلى ما يؤدي إلى تفاقمها وتعقيدها بدل حلها .

كما ندعو الجماعة إلى الاقلاع عن مثل هذه الاساليب العنيفة بحق الأبرياء من طلبة المدارس والسواح الأجانب .

والسعي إلى الأسلوب الهادئ في حل الأمور كما ندعوها أن تضع نصب أعينها ما ورد في الأثر من القول : (ما وضع الرفق على شيء إلا زانه) .