في عالم صار العنف زاده اليومي والطريق الاسهل والأوحد للوصول الى الغاية، قامت أحزاب وتكتلات وجماعات منظمة أو غير منظمة ادانت العنف وحاربته بعنف آخر -إذا صح التعبير- فالعنف هو العنف، ونَظَّرَ كل طرف عنفه الخاص وصبغه بصبغةٍ شرعية بغية تستطيح وعي المجتمع، ونتيجة لهذهِ الصدامات والصراعات وغفلة من الزمن وميل الناس الى هذه الجهة أو تلك، وجدنا انفسنا في النهاية على ارصفة الشوارع الاجنبية، بلا وطنٍ ولا معين ولا هوية إلا اللهم يشار الينا إذا ما سئل سائل عنا: من هم هؤلاء اشباه البشر؟؟ فيجاب: هؤلاء هم اللاجئون!!

اجل اصبحنا لاجئين .. غرباء .. دخلاء .. مُسَجَّون على بلاط الارض، نصرخ فلا يسمع لنا صوت .. ينام الليل وعيوننا متخشبة .. على اطفالنا تارة وعلى الغد المجهول تارةً اخرى وكم عللنا اطفالنا على الغد، سلبت منا كل مقومات الحياة فاصبحنا نستجدي القوت من الابواب الموصدة للكنائس والحسينيات والمساجد. قد شل تفكيرنا الهم تلو الهم تلو الهم … وفي جلسة في المهجر -وكما عادتنا نحن اللاجئين والمعتربين المهاجرين في سبيل الله- دار الحديث حول هذه الامور والى متى سنبقى في نظر العالم لاجئين متوحشين او مغتربين عديمي الثقافة، اشار احد الاخوة الافاضل بانشاء صحيفة تهتم بشؤون اللاجئين والمغتربين المسلمين بصورة خاصة لانهم اكثر من غيرهم تعرضوا للاضطهاد، ونظراً لأن هذه الفكرة لم تأت وليدة اللحظة لديّ، اذ كنت قد كتبت فيما مضى عن بعض معاناة اللاجئين، وبعد المشورة مع ذوي الخبرة والحرص على مصلحة اللاجئين والمهاجرين وحقوقهم امثال المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التي حيت وباركت هذه الفكرة، وتعهدت بتقديم الدعم المعنوي والثقافي، وايضاً مشاورة بعض الاصدقاء الاعلاميين وكان الاختلاف في اسم الصحيفة. فبعض اقترح (اللاجئ المسلم) وآخر (المهاجر المسلم) والآخر (المغترب) ودار البحث والنقاش الطويل. ومن ثم استقر على ان يكون (المغترب) لشموليته وضعف الاول وقِدمة الثاني. كما واستقر الرأي على ان تصور (كمرحلة اولى) ضمن صفحات (السلام صوت المسلم الحُر) لاتحاد الصحيفتين في المبدأ والهدف. وبعد طرح هذه الفكرة على صحيفة (السلام) تبنت الاخيرة المشروع بحماس قل نظيره وتعهدت بتقديم كل الدعم الممكن.

لذا، فهذه الصحيفة: صحيفة كل مسلم لاجئ، مغترب، ومهاجر في سبيل الله، وله الحق في التعبير عن رأيه بكل حرية واستقلالية من خلالها، وسنحاول بكل جهد انشاء الله ايصال معاناة المغتربين الى آذان العالم، ولا نبخل بأي جهد مهما كان متواضعاً تيمناً لمقولة امير المؤمنين الإمام علي بن ابي طالب(ع): رُبَ همة احيت امة.

جميل ربيعي