الدكتور محسن الموسوي

لم يكن الإمام علي(ع) له رغبة في الحكم. وقامت سياسته على ثلاثة مبادئ هي كالآتي:

1- تقديم النصح:

في ايام حكمه (عليه السلام) قدم النصائح الواحدة تلو الأخرى خاطب الزبير: وانت فارس قريش. وخاطب طلحة: وانت شيخ المهاجرين. وقال: دفعكما هذا الأمر قبل ان تدخلا منه كان اوسع لكما من خروجكما بعد اغتراركما به.

وكتب الى عائشة ناصحاً اياها وقال لها: فاتقي الله وارجعي الى منزلك اسبلي عليك سترك والسلام.

فجاء الجواب بالرفض، حيث قالت: حل الامر عن العتاب ولن ندخل في طاعتك ابداً فاقض ما انت قاض.

ولم يكتف الإمام بالنصيحة، إذ أرسل لها ممثلين كما ارسل لطلحة والزبير كذلك، فلم يُجدِ نفعاً، حتى اصروا على القتال.

2- التحاور:

ذكر العلامة المجلسي ان حواراً طويلاً جرى بين الامام علي(ع) وبين طلحة والزبير عبر أحد المؤيدين لأصحاب الجمل اسمه خداش، واكتشف الأخير ان الحق مع الامام، وقال له الإمام ارجع: اليهما واعلمهما ما قلت ففعل.

ولقد كان الإمام صادقاً في حواراته لا يبتغي منها كسب الوقت ولا المناورة السياسية.

3- المصالحة:

صبر الإمام علي(ع) بعد تقديمه النصيحة ثم تحاور معهم لكنهم أصروا على القتال.

لقد وضع نصب عينيه تجنب الحرب وسفك الدماء لان مبدأه السلام، والحرب هي آخر الكي. فهو حاول نزع فتيل الحرب حتى آخر لحظة من حياته وحاول ان لا يكون البادئ بالقتال.

ذكر المجلسي باسناده قال حذيفة اليماني: لما كان يوم الجمل وبرز الناس بعضهم لبعض نادى منادي امير المؤمنين (عليه السلام): لا يبدأن احد منكم بقتال حتى آمركم، قال: فرموا فينا، فقلنا: يا امير المؤمنين فقد رمينا، فقال: كفوا، ثم رمونا، فقتلوا منا.

قلنا: يا امير المؤمنين قد قتلونا، فقال: احملوا على بركة الله. قال: فحملنا عليهم فأنشب بعضنا في بعض الرماح حتى لو مشى ماشٍ لمشى عليها ثم نادى منادي علي (عليه السلام) عليكم بالسيوف فجعلنا نضرب بها البيض فثنوا لنا فنادى منادي امير المؤمنين عليكم بالإقدام، قال: فما رأينا نوقاً كان اكثر قطع اقدام منه، قال: ثم نادى منادي امير المؤمنين عليكم بالبعير فإنه شيطان قال: فعقره رجل برمحه وقطع احدى يديه رجل آخر فبرك ورغا وصاحت عائشة صيحة شديدة فولى الناس منهزمين فنادى منادي امير المؤمنين لا تجهزوا على جريح ولا تتبعوا مدبراً ومن اغلق بابه فهو آمن ومن القى سلاحه فهو آمن. ولما يجد الإمام بداً، من القتال عمل على انهاء الحرب.

الواقع ان امير المؤمنين قد انتصر في معركة الجمل لكن نصره الكبير كان انتصاره لمبادئه انتصرت فيه الاخلاق قبل ان تنتصر له السيوف والرماح.

الكتاب: دولة الإمام علي(ع).

المؤلف: الدكتور محسن الموسوي.

الناشر: دار البيان العربي.

ص.ب، 5789/113، بيروت – لبنان