نيويورك: سيرجي شميمان *
عندما يهاجم المعارضون المنتدى الاقتصادي العالمي باعتباره منبرا للحكام والاغنياء ذوي الثروات الطائلة، فان الصور التي ينطلقون منها لن تكون في الغالب هي صور جاك غرينبيرغ، مدير مطاعم ماكدونالدز، وعمرو موسى، الامين العام للجامعة العربية، وهما يتحاوران حول اسباب الغضب الذي يجتاح بعض اجزاء العالم. ولكن هذا هو بالفعل ما حدث في احدى جلسات هذا المنتدى الذي ينعقد هذا العام بفندق والدورف استوريا، بنيويورك.
لم تكن آراء غرينبيرغ، وعمرو موسى غريبة او جذرية. فقد دافع غرينبيرغ عن سلسلة مطاعمه الممتدة في كل انحاء العالم، والمستهدفة عادة من قبل اعداء العولمة. اما موسى فقد قال ان هناك اسبابا عديدة للغضب على سياسة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط وافريقيا وانحاء اخرى في هذا العالم.
ولكن الحقيقة الجديرة بالانتباه هي ان المنتدى خصص عددا من جلساته لمناقشة المعارضة المتنامية للطابع العالمي للتجارة في هذا العصر. وهذا يعكس قرار منظمي المنتدى باعطاء معارضيهم الفرصة للتعبير عن انفسهم.
قال دانيال يارغن، احد قادة المنتدى: «منتدى دافوس يمثل منتدى حول الجديد في الساحة العالمية من حيث الاتجهات وانماط التفكير. وحقيقة ان المنتدى ينطوي على بعض الفوضى، وانك تشعر داخله بالتشويش، هو جزء من هذه العملية. خلال عدة اعوام ماضية كان المنتدى مشغولا بالأزمة المالية العالمية، ثم ظهرت مشاكل الاقتصاد الجديد. وبعد هذه المظاهرات الضخمة التي حدثت اثناء انعقاد مؤتمرات اقتصادية هامة، ظهرت هذه التساؤلات العميقة حول العولمة. كيف تعمل العولمة؟ ما هي العولمة؟ ما هي اثارها؟ وبالنسبة لي شخصيا فانه من المثير للدهشة ان تثير هذه الكلمة ذات المقاطع الخمس كل هذه الزوابع. فأغلب الحوارات حول العولمة لا تتوقف عند معنى الكلمة نفسها».
ويعتقد البروفسور ارمستو، بجامعة اوكسفورد، ان التحالف ضد العولمة اكثر هشاشة من التحالف ضد الارهاب، وان الاهداف التي تحرك كل مجموعة داخل هذا التحالف تختلف عن اهداف المجموعات الاخرى. فمنهم من هو ضد الحداثة، ومنهم من هو ضد الرأسمالية، ومنهم من هو ضد شطط الرأسمالية. اي ان الحركة ليست ضد العولمة بل ضد بعض التحيزات في التقسيمات القائمة: «الفقراء والاغنياء، الجنوب والشمال، الشرق والغرب».
وركز زكي لايدي من فرنسا على نفس الافكار قائلا ان العولمة تقوم تحديدا ضد الرأسمالية وضد الولايات المتحدة التي تحصر انتاج السلع بينما تبالغ في خلق الثروات الشخصية. انها ضد هذا التحيز الفظ ضد الفقراء. وقال لايدي ان الغضب ينصب على الولايات المتحدة التي تحدد مصائر العالم بينما لا يبدي شعبها أي اهتمام بهذا العالم الذي يتحكمون في مصائره.
وقال المستر غرينبيرغ ان هناك اقلية ضئيلة يوضع لها اعتبار كبير. وأشار الى انه بينما هاجم مطعم ماكدونالدز في سياتل عام 1999 حوالي الالفين من المتظاهرين، فان المطعم كان يخدم في نفس الوقت حوالي 175 مليونا في كل انحاء العالم.
وأشار لايدي كذلك الى ان المسؤولية مشتركة بين الاغنياء والفقراء، وذلك لأن الفقراء اساءوا استخدام الثروات التي حولت لهم من البلدان الغنية.

* خدمة نيويورك تايمز ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»