قلم د. علي بن محمد بن يحي

بروفسور علم السيطرة

في الجمهورية العربية اليمنية

ما من مصطلح شهد تصعيداً ذا وتيرة عالية خلال عقدين من الزمن كمصطلح العنف والارهاب، على شبكات الاعلام المسموعة، والمرئية، والمقروءة، حيث يستهدف نوعاً من البشر، وفكراً انسانياً محدداً.

فالعنف كظاهرة يتسم بها عصرنا الحالي نشاهدها في كثير من الممارسات في المجتمعات، ولم تكن هذه الظاهرة لصيقة بالاسلام.

وظاهرة الارهاب ليست ظاهرة زمن معين من الازمان، او جيل ما، او بلد ما، وانما وجد الارهاب مع العنف منذ وجود الانسان على سطح الارض، ورافقه على مسار التاريخ.

وبما ان العنف والارهاب كانا قد عاشا ـ ولا زالا ـ حالة من الاهمال المتعمد حيناً، وغير المتعمد حيناً اخر، مست الحاجة الى قانون يحددها، ويعطيهما المسميات الحقيقية لهما، ويحدد لهما الهياكل والهيئات التي تمتلك العلم والمعرفة اللذين يمكنان هذه الهيئات من تحديد معاني المصطلحين.

نحن نرى اليوم شتى اعمال العنف التي تمارس ضد الاسلام والمسلمين تحت مسوغات لغة استدراج المسلم الى العنف، فهو استخدام العنف بالمعنى السلبي، بينما في الحقيقة هم من يمارس العنف بابشع صوره ويعطونه مسوغات منطقية وعقلية قائمة على اسس هزيلة لا يقبلها العقل!

ولكن العالم الغربي الذي يمارس العنف يطلق ـ لا بعاد الشبهة عن ساحته ـ مصطلح الاستبداد الشرقي، والعنف الشرقي، وينظّر له منطلقات غير صحيحة، وقد نسي ـ الغرب ـ بان منبع مبدأ (اللاعنف)، والوطن الام لهذا المفهوم هو الشرق، وبالذات البلاد العربية.

نحن لا يمكننا ان ننفي العنف مطلقاً، ولكن نقول للعنف شروط لا بد من البحث فيها، واذا وجدت بعض مظاهر العنف في مجتمعنا الاسلامي، فان السبب فيه يعود الى وجود الغزو الثقافي الغربي الذي يمارس على المجتمع المسلم مما خلق ردة فعل ضده مما خلق في المجتمع المسلم تيارات متعددة وهي:

1- تيار يتبع الغرب تماماً بالمقدار الذي يأخذ فيه بكل تفاصيل الحياة الغربية.

2- التيار المحافظ المنغلق على نفسه.

3- تيار الاعتدال والوسطية.

ان من يريد الحد من العنف لا بد له من قراءة متأنية في اسباب العنف، وعوامله، والبدء بالعلاج من هذه الجذور، وذلك باجتثاثها من باطن الارض لتموت كل المظاهر التي ترتبت على هذه الاسباب.

فالاسباب التاريخية للجوء الى العنف في المجتمع المسلم ـ عادة ـ هي اسباب دينية، ولكن هناك اسباب اجتماعية، واخرى سياسية، وثالثة اقتصادية، وهذه الاسباب تؤدي مجتمعة حيناً، ومتفرقة حيناً آخر لنشوء ظاهرة العنف ومن امثلة هذه العوامل مثلاً:

1- العزل السياسي، واحتكار السلطة، ومنع الناس من الوصول اليها.

2- وجود ظاهرة البطالة التي تتزايد يوماً بعد يوم، وتفشي الفقر، ووجود الفوارق الطبقية الحادة.

3- ومن الاسباب الاجتماعية: مصادرة حرية الانسان المسلم في التعبير عن رأيه.

اذن فالمجتمع المسلم فرض عليه العنف فرضاً من قبل عوامل خارجية، والا فالدين الاسلامي يحرم العنف بكافة صوره واشكاله، وهناك الكثير من الادلة الاسلامية مما يشير الى عدم تجويز الاسلام اللجوء الى العنف نذكر منها:

قوله تعالى: «لا اكراه في الدين» (البقرة/ 256)

وقوله تعالى: «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»

وقد ورد عن رسول الله (ص) في ذلك قوله:

(ان الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه).