أصدرت المحكمة الدستورية التركية  ظهر الجمعة 22 يونيو قرارها المنتظر وشبه المتوقع بإغلاق حزب الفضيلة ومصادرة ممتلكاته، ورفضت الانتظار فترة أسبوعين فقط لحين صدور تشريع برلماني جديد يصعِّب حل الأحزاب السياسية.. لتكون ذات المحكمة الدستورية قد حظرت بذلك حزبين إسلاميين في فترة زمنية قصيرة هي ثلاثة أعوام .. حيث حظرت حزب الرفاه 16 يناير عام 1998 .. ثم الفضيلة في 22 يونيو 1002 .. لتغلق بذلك حزبين سياسيين وصلا للحكم والبرلمان والبلديات عبر صناديق الانتخابات وبإرادة الجماهير.

واللافت أن المحكمة قضت بإسقاط عضوية 7 من أعضائه البرلمانيين، بينهم العضوة المحجبة “مروة قاوقجي”، ومنعها من الحياة السياسية لمدة 5 سنوات قادمة … وشددت حيثيات حكم المحكمة على أن السبب المباشر هو تحوّل الحزب لمركز للأصوليين (الإسلاميين) يعادي العلمانية، ولبس نائباته الحجاب! .. كما ذكر الحكم بأن حزب الفضيلة يستخدم شعارات ونهجًا سياسيًّا مخالفًا للنظام العلماني .. هذا علاوة على اتهام الحزب وبعض أعضائه بالعداء للنظام الجمهوري ومؤسسه أتاتورك.

وقد وصف معلقون أتراك وأجانب قرار غلق الفضيلة بأنه سيترك آثارًا سلبية على الحياة التركية داخليًّا وخارجيًّا.

وقالت جريدة “نيويورك تايمز” الأمريكية: إن غلق الفضيلة سيدخل تركيا في نفق مظلم من الصعب الخروج منه، خصوصًا في ظلّ الأزمة الاقتصادية المستمرة.

القضاء .. بدل الانقلابات لمنع الإسلاميين

ويعلق المراقبون للسياسة التركية على ذلك بأنه في الماضي القريب كانت الانقلابات العسكرية الدموية وغير الدموية هي السبيل المتبع والوحيد لقمع وضرب تقدم واستقرار الحركة الإسلامية السياسية بتركيا .. أمّا اليوم ومع تغيّر العالم وتغيّر تركيا نفسها، كان لا بد من البحث عن وسيلة جديدة وفعَّالة لوقف – أو بمعنى أصح – القضاء على الحركة الإسلامية السلمية والتي تتعامل في إطار قواعد ما يسمى باللعبة السياسية والديمقراطية.

وجاء الحلّ البديل لسيناريوهات الانقلابات العسكرية التي لم تَعُد مقبولة في عالم اليوم بالقضاء، الذي أصبح الحلّ السحري لضرب أي قوة سياسية إسلامية شرعية (!).

إغلاق الفضيلة .. والبديل في الطريق

علّق “نجم الدين أربكان” رئيس الوزراء التركي الأسبق والزعيم الإسلامي المخضرم على إغلاق السلطات التركية لحزب الفضيلة قائلاً: “اللغة التركية تتكون من 29 حرفا” .. في إشارة إلي عزم قيادات حزب الفضيلة على المسارعة لتأسيس حزب جديد ..

وفى الاجتماع الطارئ للجنة المركزية للحزب الخميس (21-6-2001) حدد حزب الفضيلة خطته القادمة في أعقاب الغلق على النحو التالي:

– عقد مؤتمر صحفي عالمي لتقديم شكوى للرأي العام العالمي ضد الحكومة والدولة التركية.

 -تحرك مشترك لمجموعة أعضاء الحزب البرلمانية (102 عضو)

– استقالة مجموعة المجددين بالحزب (لإعلان حزب سياسي جديد)

–  وأخيراً استمرار مسيرة الحزب السياسية والكفاح للبقاء حيًّا.

ولاحقا وبمجرد صدور الحكم انسحب نواب حزب الفضيلة من جلسة البرلمان التركي المنعقدة يوم الاثنين الماضي احتجاجا على قرار الحظر وذلك إلى حين تبني تعديل يجري بحثه حاليا يجعل حظر الأحزاب أكثر صعوبة .. كما صرح رئيس الحزب الأستاذ رجائي قطان من على منبر البرلمان “إننا لم نرتكب جريمة أو دعمنا العنف والإرهاب .. كل ما فعلناه أننا نفكر بطريقة مختلفة”.

كذلك انتقد رئيس جمعية المجلس الأوربي اللورد راسل جوستون في ستراسبورغ قرار حل حزب الفضيلة وصرح في مؤتمر صحفي أنه “كان على رئيس المجلس الدستوري في تركيا انتظار أن تتخذ المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قرارا في هذه القضية .. وأن السلطات التركية فضلت مرة أخرى القمع على الحوار لدى مواجهتها تحديات اجتماعية وسياسية في بلادها..”.