بسم الله الرحمن الرحيم

وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ. صدق الله العلي العظيم

 

منذ ان انبثقت الانسانية وسكن المعمورة بني آدم حبى الله البارئ عز وجل الانسان وكفله بشرائع تعصم كرامته ودمه وماله وعرضه، مكرراً عز وجل تعالميه في كل رسالة سماوية أنزلت على الانبياء والاوصياء والرسل.

اذ شكلت حقوق الانسان وكرامته اساساً ترتكز عليه طبيعة التعايش الاجتماعي لدى بني آدم قاطبة، وسن التشريعات على مر العصور لحماية البعض من البعض، وأصبحت العدالة رمزاً انسانياً لتمييز الحق عن الباطل والجاني عن الضحية، وتطويع الثواب والعقاب لترسيخ الحقوق وضمانها في مسعى لحماية المستضعفين في الارض

فشجبت الانتهاكات واُدين الظلم بكافة اشكالة حول العالم، واتفقت الانسانية جمعاء على مواجهة كل ما يهدد حقوق الافراد والمجتمعات من خطر معنوي او مادي، دون تمييز بين لون او عرق او دين اومذهب فكري او عقائدي، وعلى هذا الاساس انبثق مجلس حقوق الانسان في الهيئة الدولية للأمم المتحدة، والذي يفتتح الدورة الثانية والثلاثين في جنيف بمناسبة الذكرى العاشرة لإنشائه.

إذ يدرك جميع المشاركين في الدورة القائمة ان العالم كافة والبشرية جمعاء باتت في مواجهة مخاطر جمة، تستهدف اوجه الانسانية بكافة تصنيفاتها، سياسيا واقصاديا واجتماعيا، تشكل في معظم انتهاكات رسمية او شبه رسمية، تلعب الحكومات دورا مؤسفا في تردي اوضاع الكثير من البشر.

وعلى سبيل المثال لا الحصر فان الدول العظمى كانت ولا تزال مصدراً مقلقا لظاهرة الاحتباس الحراري وما اسفرت عنه تداعياته من تأثيرات مميته لاجزاء واسعة من كوكب الارض، فالجفاف والتصحر والمتغيرات المناخية الضارة، أسهمت بصورة مباشرة في مقتل وتهجير ملايين السكان من مواطنهم، ولا زالت تلك الدول تصر على انتهاج سياساتها في هذا الصدد غير مبالية بنتائجها الكارثية.

فيما لا تزال صناعة وتصدير الاسلحة بكافة اشكالها من ادوات افتعال الحروب وانتشارها، عبر دعم الحكومات الديكتاورية والاستبدادية او الجماعات المتطرفة، وهذا ما اسفر ايضاً عن موت وتهجير الملايين من السكان ايضاً.

ولا نريد في هذا المقام الاسترسال مكتفين بهذين المثالين، وهذا ما يستدعي من مجلس حقوق الانسان لسن تشريعات اكثر فاعلية وجدية في مواجهة كافة المخاطر التي تواجه حقوق الانسان ووجوده، سيما ان القوانين الجارية في الكثير من الاحيان لا تكون مؤثرة في ردع المنتهكين للحقوق، وغير قادرة على إنصاف المستضعفين، والذين يمثلون بطبيعة الحال أغلب سكان المعمورة.

فغياب العدالة الانسانية باتت من أبرز الظواهر الاجتماعية إنسانياً، سواء على صعيد العدالة بين الدول ومثيلاتها، او بين المجتمعات ذاتها، او بين الافراد ايضا، خصوصا على صعيد المستوى المعيشي او الواقع الصحي، او التربوي.< /span>

ايها السادة ان المسؤولية القانونية والاخلاقية تضعكم في مواجهة صعبة لاحقاق الحقوق، والانتصار لاصحابها، وهو ما يدعوكم الى مراجعة دور المجلس واهميته وقدرته على تحقيق الاهداف التي أُنشأ لاجلها.