محمد حميد الصواف

عدم الإفلات من العقاب، عبارة لطالما تشدقت بها الولايات المتحدة الأمريكية كونها تستمر بطرح نفسها الراعية الاولى لحقوق الإنسان في المجتمع الدولي، معلنة عدائها الصريح لكل من ينتهك حقوق الإنسان أو تثار حوله الشبهات، حتى باتت عشرات الدول تحت طائلة عقوباتها، فيم أعدت  جيشها ليجتاح دول وشعوبا تحت عنوان المخلص والمحرر والمنفذ.

فاجتاح الجيش الأمريكي كوريا وقسمها بهدف حماية الشعب الجنوبي من براثن الاستبداد الشيوعي الدموي، واحتل فيتنام تحت عنوان نشر الديمقراطية والانتصار لحقوق المظلومين، ومن ثمة احتل أفغانستان بدعوى مواجهة الإرهاب القاعدي فيما استباح العراق لتخليص العالم من خطر الأسلحة النووية التي يمتلكها العراق ويسعى إلى شطر الكرة الأرضية وتفتيت الكوكب، واخير وليس اخراً.. احتل الجيش الأمريكي مناطق شرق سوريا بحجة مكافحة فلول تنظيم داعش الإرهابي.

ومن جانب آخر لا يزال البيت الأبيض يشن حملة عقوبات اقتصادية لعديد من الدول بحجة خرقها لحقوق الانسان، ابتداء من كوبا وانتهاء بفنزويلا.. وما بينها عشرات الدول المعاقبة، كسوريا واليمن والعراق والصين وغيرها من الدول.

إلى هنا قد نحمل على حسن الظن ما تبذله الولايات المتحدة من جهد في سبيل نصرة الانسان، لكن المفارقة أن هذه الدولة تغض الطرف عما تقترفه أدواتها من انتهاكات، وترفض بشكل قاطع المساس بجيشها أو حلفائها حول العالم، دون أن تسوق لذلك مسوغ قانوني أو مبرر أخلاقي، مكتفية بفرض الأمر الواقع على المجتمع الدولي وفق منطق القوة الاكبر عالميا.

مؤخراً.. أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنه لن تتم معاقبة العسكريين الأمريكيين الذين شاركوا في غارة بطائرة مسيرة أسفرت عن مقتل 10 مدنيين بينهم سبعة أطفال في كابل نهاية أغسطس الماضي.

فبغطرسته المعروفة صرح المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي: “لم تكن هناك أدلة قوية كافية لتحميل مسؤوليات شخصية”.

ولسان حاله يقول ليس من المبرر معاقبة أفراد القوة العسكرية الأمريكية لمجرد مقتل مدنيين ينتمون إلى إحدى أفقر دول العالم الثالث.

فالولايات المتحدة أرفع من أن تعاقب على قوانين تبنت تشريعها وتنفيذها، ولا توجد قوة في الأرض قادرة على ملاحقة مجرمي الحرب في الجيش الأمريكي، فعندما يكون القانون معها (امريكا) فهي الناشط المدني والمدافع عن حقوق الإنسان، وعندما ينقلب ضدها فهي كابوي الغرب الامريكي الأبي الذي لا يخضع الا لقانون الغاب، ولتذهب قوانين حقوق الإنسان إلى الجحيم.