ختمت كلامي في العدد الماضي بهذه الحكمة وان قال البعض: بانها رواية، لكني لم اجدها في كتب الحديث ولم انفي وجودها. إذ عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.

فالناس – في الأغلب – على دين ملوكهم، يفهمون ما يفهم ويقولون ما يقول الملك او الحاكم. مهما كانت ثقافته وانتماءاته، إلا في ظل نظام ديمقراطي لا يسمح للحاكم إلا لادارة البلاد فقط.

فالحاكم اذا اهتم بادارة البلاد لا يفرّق بين أفراد الشعب وأفكارهم وانتماءاتهم، وكل ما يهمه هو ادارة الانظمة والمؤسات الدستورية التي لا تضمن إلا الحرية للشعب والسيادة للقانون والناس كلهم احرار إلا من أقر على نفسه بالعبودية.

لكنه اذا بدأ بادارة الشعب وترك ادارة البلاد تراه يلعب في كل الاتجاهات ويقلّص من حريات الامة ويُفسر القانون كما يشاء ولأجل مصالحه الخاصة. ولذلك تراه في وسائل الاعلام المرئي والمسموع والمقروء وفي كل يوم متربع على الصفحة الاولى حتى كأن لا شيء آخر في البلاد سواه…

فانه قال، والتقى، واستقبل، وودع، واستضاف و.. وهكذا دواليك.. إلا ان في البلدان التي تحكمها الديمقراطية والاسلام كما في سيرة رسول الله p واقوال الائمة i رأي الشعب هو الذي يتصدر المجالس، واللجان تناقش والاخصائيون يبدون آرائهم في قضايا شتى. والحاكم مسؤول عما يفعل.. وعليه كانت سياسة خطب الجمعة.

فالحاكم يُسئل يوم الجمعة، ويشرح للجمهور مشاكله ويطلب المساعدة من الخبراء وأصحاب الرأي في المسائل السياسية المستعصية ويرجوا تقويمهم ومشورتهم.

وفي الأنظمة الديمقراطية، الاحزاب والفعاليات السياسية تلعب دور اللجان، والشخصيات السياسية والاجتماعية الى جنب الاخصائيون يبدون آراءهم والكل يناقش ما يهم المواطن.

أجهزة المخابرات لا تعمل إلا في سبيل حفظ النظام من المداخلات الخارجية وأمن البلاد وتراقب المسؤولين قبل الشعب. ولذلك ترى أي مسؤول ينحرف عن طريق الصحيح يُسئل في الصحف والاعلام المرئي والمسموع ويُستدعى من قبل السلطات القضائية في الفور ويلغى كل مهامه ودوره حتى تظهر برائته.. بخلاف الشعب، فانه بريء حتى يظهر العكس…