انتشر الدين الاسلامي في بلاد الشرق حتى وصل الى الصين والفلبين. اما اليابان فقد تأخر وصول الاسلام اليها الى اواخر القرن التاسع عشر، حيث تم تبادل الزيارات بين اليابانيين والعثمانيين.

وليس هناك رصد دقيق لاتصال اليابانيين بالاسلام. كما انه ليست هناك مصادر تاريخية توثق لتاريخ دخول الاسلام في اليابان. ولكن تقول بعض المصادر العربية : ان اول معرفة لليابانيين بالاسلام كانت عام 1877 عندما ترجمت السيرة النبوية الى اللغة اليابانية، فهذا العمل ساعد المثقفين اليابانيين على معرفة الاسلام، لكن هذه المعرفة كانت جزءا من معرفتهم بتاريخ الحضارات.

ولكن معرفة اليابانيين الحقيقية بالاسلام كانت عندما بعث السلطان عبد الحميد بعثة صداقة الى اليابان وعلى ظهرها طاقم تعداده اكثر من 600 شخص على الباخرة “آل طغرل” بقيادة الفريق عثمان باشا، وذلك عام 1891، وبعد الزيارة ومقابلة عثمان باشا لامبراطور اليابان تقرر عودة الباخرة ادراجها.

وبينما كانت الباخرة لا تزال على الشواطئ اليابانية عند محافظة واكياما، هب عليها اعصار شديد تسبب في تحطمها وقتل 550 شخصا بمن فيهم عثمان باشا، وذلك في 16 سبتمبر (ايلول) عام 1890، ودفن القتلى في المنطقة واخذت باخرتان يابانيتان الناجين الى اسطنبول.

أول مسلم ياباني

الدكتور صالح مهدي السامرائي رئيس المركز الاسلامي في اليابان، وهو من اصل عراقي قدم الى اليابان للدراسة في الستينات واستقر فيها للعمل في الدعوة الاسلامية: ان دخول الاسلام الى اليابان تأخر كثيرا مقارنة بانتشاره المبكر في الصين والفلبين، مع هذا تعتبر اليابان ارضا خصبة لنشر الدعوة الاسلامية. وان اليابان عرفت الاسلام عن طريق اتصال العثمانيين لاقامة علاقات دبلوماسية مع اليابان نهاية القرن التاسع عشر. وانه في عام 1891 تصدى صحافي ياباني شاب يدعى اوشاتارو نودا لجمع تبرعات لعوائل شهداء الباخرة، وذهب الى اسطنبول وسلم التبرعات، وهناك التقى بأول مسلم انجليزي يتعرف عليه وهو عبد الله غليام من ليفربول فأسلم علي يديه، وبذلك يعتبرهو اول مسلم ياباني، تبعه بعد ذلك يامادا الذي وصل الى اسطنبول عام 1893 يحمل التبرعات وطلب منه السلطان عبد الحميد تدريس اللغة اليابانية للضباط العثمانيين، واخذ اسم خليل او عبد الخليل، وبذا يمكن اعتباره ثاني مسلم ياباني.

اما الشخص المسلم الياباني الثالث فهو احمد اريجا وكان مسيحيا يعمل في التجارة، زار مدينة بومباي في الهند عام 1900 ولفت نظره مسجد فيها فدخله واسلم هناك، وعاد داعية وشارك في احدى ترجمات معاني القرآن الكريم الى اللغة اليابانية. وفي هذه الفترة سكن تجار من الهند في كل من طوكيو ويوكوهاما وكوبي، وبذلك يعتبرون اول جالية مسلمة تقيم في اليابان.

وهناك قول آخر عن اول مسلم ياباني، فبعض المصادر التاريخية تشير الى ان اول مسلم ياباني هو متسوتارو تاكا اوكا الذي اشهر اسلامه عام 1909 ، كما ان بومباشيرو اريجا في هذاؤقت ذهب الى الهند بغرض التجارة وهناك اشهر اسلامه بتأثير من المسلمين المحليين، ثم غير اسمه الى احمد اريجا.

ولكن دراسات حديثة اشارت الى ان يابانيا آخر هو توراجيرو يامادا يحتمل ان يكون هو اول مسلم ياباني اشهر اسلامه في اسطنبول وغير اسمه الى الخليل او عبد الخليل وربما يكون قد ادى فريضة الحج في مكة المكرمة.

الوجود الإسلامي الحالي

اما عن الوجود الاسلامي الحالي، يقول الدكتور السامرائي: ان المسلمين في اليابان، يابانيين ومقيمين، يوجودون في اقصى جزيرة في شمال اليابان (هوكايدو) الى اقصى جزيرة صغيرة في جزر اوكينا وجنوبا قرب تايوان، ومن اقصى الشرق (طوكيو) الى اقصى الغرب (كانازاوا وشمياني وتاتوري).

وهناك جمعيات يابانية تعمل في مجال التبليغ مثل: جمعية مسلمي اليابان ولذلك يمكن القول بان حصيلة الوجود الاسلامي للمسلمين اليابانيين حتى عام 1953 هي جمعية مسلمي اليابان وهي اول جمعية اسلامية خالصة اسسها مسلمو ما قبل الحرب العالمية الثانية والذين عادوا بعد اسلامهم في اندونيسيا وماليزيا والصين وكذلك من بقي حيا من المسلمين الاوائل في اليابان.

ولقد سبقتها قبل الحرب جمعيات اسلامية استشرافية

و الجمعية الاسلامية في هوكايدو (عبد الله اراي)

وجمعية الصداقة الاسلامية في كيوتو .

و جمعية الدعوة الاسلامية في اوساكا .

و الجمعية الاسلامية في نارا .

 و جمعية المرأة المسلمة اوساكا وكيوتو .

و جمعية الثقافة العربية في طوكيو.

 و جماعات مندمجة مع جمعيات تضم الطلبة المسلمين والمسلمين المقيمين.

وفي الواقع ان هذا الصنف منتشر في جميع انحاء اليابان واعدادهم كبيرة.
وهناك افراد ناشطون في العمل الاسلامي وهم الاكثرية الساحقة من المسلمين اليابانيين يديرون اكثر من خمس عشرة صفحة الكترونية باللغة اليابانية يدعون فيها الناس للاسلام ومثال عليهم: ـ سليمان هاماناكا في جزيرة شكوكو (له صفحة الكترونية) ـ البروفسور كوسوجي في جامعة كيوتو له صولات وجولات في التلفزيون الوطني الرئيسي لليابان NHK وفي قاعات المحاضرات والمؤتمرات: ـ البروفسور اونامي (جامعة كيوتو ـ هندسة) ـ البروفسور شيرو تاناكا (متقاعد من جامعة اللغات الاجنبية في كيوتو وحافظ للقرآن الكريم) ـ البروفسور هشام كورودا (الجامعة الدولية في نيغاتا وصاحب المؤلفات العديدة وتلميذ العالم الراحل المشهور جعفر ايزيتسو) ـ اشرف ياسوي (استاذ اللغة العربية في المعاهد اليابانية) ان الاعداد الهائلة من المسلمين والمسلمات اكثرهم داخل اليابان ومنهم يعيش في اوروبا واميركا وآسيا، كل يقيم دينه محل اقامته، منهم من يخفي ايمانه ومنهم من يظهره.

اما عن عدد المسلمين اليابانيين، فانه ليس هناك احصاء لعددهم. ففي اليابان اكثر من مائة جمعية وتجمع اسلامي وعشرات ان لم يكن مئات من المساجد والمصليات وتدخل يوميا عن طريق هذه الجمعيات والمساجد والمصليات اعداد كبيرة من اليابانيين الى الاسلام.
كما يسافر سبعة عشر مليون ياباني سنويا للسياحة خارج البلاد فمنهم من يسلم في البلاد الاسلامية ومنهم من يسلم في اوروبا واميركا، حيث تأتي طلباتهم للمركز للكتب عن طريق الانترنت ويستجاب لهم في الحال.

نقول احيانا ان عدد المسلمين اليابانيين يقارب المائة الف او يزيدون والاجانب ثلاثمائة الف او يزيدون، وهذه ارقام تقديرية ينظر اليها المراقبون من زوايا مختلفة ويعطون ارقاما متعددة ولكن المؤكد ان الشعب الياباني من اقرب شعوب الارض للاسلام، يحترمون هذا الدين ويرون فيه تأكيدا لمثلهم وتقاليدهم العريقة.

المسلمون المهاجرون

 لاشك ان طلائع المسلمين المهاجرين الى اليابان هم من شبه القارة الهندية قبل الاستقلال، جاءوا لليابان اواخر القرن التاسع عشر واشتغلوا بالتجارة واقاموا في طوكيو ويوكوهاما وكوبي، وهم الذي بنوا اول مسجد في اليابان وذلك في مدينة كوبي عام 1935 وصمد هذا المسجد شامخا رغم قنابل الحرب العالمية الثانية التي حطمت كنيسة مجاورة له، ورغم الزلزال الكبير عام 1995 الذي كسر الكنيسة المجاورة له.

و الدفعة الثانية من المهاجرين فهم المسلمون التتار او اتراك القازان الذين لجأوا لليابان فرارا من الشيوعية وجاءوا اوائل العشرينات من القرن الماضي، وعاشوا مع الهنود في كوبي وضم الجميع مسجدها واقاموا مسجدا في ناغويا (دمرته الحرب العالمية الثانية) وأقاموا مسجد طوكيو عام 1938، قائدهم في العمل المرحوم عبد الحي قربان علي.

 ونستطيع ان نقول انهم هم اول جالية اسلامية تستقر في اليابان، ولقد هاجر شبابهم الى تركيا واوروبا واميركا والقليل موجود الان في اليابان.

و الاندونيسيون والماليزيون هم ثالث جالية تصل الى اليابان ، ولا تزال هذه الجالية من اكبر الجاليات ولهم مدرسة ومسجد في طوكيو ادى دورا كبيرا حين افتقد المسلمون الى ذلك.

واما الهجرة الكبرى فهي التي حدثت منذ الثمانينات والتي سبق ذكرها وتمثل مختلف الجنسيات والكثير منهم استقر بعد زواجه من اليابانيات. ويوجد اتجاه جديد وهو زواج اليابانيين بعد اسلامهم من المسلمات واكثرهن من اندونيسيا وماليزيا والفلبين ومن العربيات المسلمات.
كما ان هناك الطلبة المسلمون القادمون من البلدان الإسلامية اوائل الطلبة المسلمين هم من المسلمين الصينيين درسوا في جامعة واسيدا عام 1909 وعددهم حوالي الاربعين واصدروا مجلة “الاستيقاظ الاسلامي” كما جاء ثلاثة طلبة عثمانيين الى جامعة واسيدا عام 1911 منهم ابن الرحالة الداعية عبد الرشيد ابراهيم.
اما الاعداد الكبيرة من الطلبة المسلمين فقد بدأت بعد الحرب العالمية الثانية وفي اواخر الخمسينات وهي تتزايد حتى يومنا هذا. ان اكثرهم من الاندونيسيين ثم الماليزيين ثم من باكستان وبنغلاديش ثم العرب والترك والايرانيين والافارقة. ان هؤلاء مع المسلمين اليابانيين والمسلمين المقيمين شكلوا تجمعات مشتركة وفي كل مدينة يقيمون مصلى مؤجرا (وبدءوا باقامة مساجد ثانية مملوكة) يضم مكتبة وثلاجة لبيع اللحم الحلال اضافة لمكان الصلاة والاجتماع.
ولايخفى دور التجار والسياح المسلمون الذين يقيمون العلاقات التجارية بين العالم الاسلامي واليابان قديمة وحديثا ، ويؤم اليابان سنويا عدد من التجار وكذلك السياح، ولهؤلاء دور في التعريف بالاسلام.
الجيل الثاني.. مشاكله ومستقبله

اما عن مشاكل الجيل الثاني ومستقبله، يقول الدكتور السامرائي: ان اهم مشكلة تواجه المسلمين في اليابان هي ابناء وبنات الجيل الثاني واكثرهم من الزواج المشترك اجانب مع يابانيات وبالمثل مسلمات اجنبيات مع يابانيين مسلمين. والتعليم اجباري واساسي والآن لا توجد مدرسة اسلامية في اليابان ويوجد الآلاف من الابناء المسلمين وما لم نهيئ لهم وسيلة لتعليمهم الاسلام فلا شك انهم سيذوبون في المجتمع غير الاسلامي. والذي يحدث ان المسلم الباكستاني او البنغلاديشي يرسل زوجته اليابانية واولاده الى بلدانهم للتعلم، ومع وجود الفروق الاقتصادية والاجتماعية بين اليابان وهذه البلدان فان مشاكل كثيرة تظهر وقد تؤدي الى هدم الحياة الزوجية.