اعلن الرئيس لحود في كلمته التي القاها امام الوفود العربية وغيرها:  ان “قمة بيروت محطة تاريخية ليوجه العرب الى العالم رسالة واضحة عنوانها السلام” محددا لهذه الرسالة عنوان “كل السلام في مقابل كل الحقوق ارضا وعودة”. جاء في الكلمة:

ايها الاخوة الاعزاء، في هذه اللحظة تحديدا تتجه انظار العالم الينا ولا سيما العالم العربي والاسلامي. وهم ينتظرون منا الكثير في ظل هذه الظروف المصيرية التي تعقدت خلالها المعطيات الدولية والاقليمية، بحيث بات من الضروري وضعها على بساط البحث لاستخراج رؤية واضحة واعتماد مواقف مسؤولة تخدم اهدافنا وتلبي طموحات امتنا.

تنعقد قمة بيروت اليوم، بعد مرور سنة على اجتماعنا في عمان، وقبلها في القاهرة، فيما مسلسل الاجرام الاسرائيلي يحصد يوميا مئات القتلى والجرحى، من ابناء الشعب الفلسطيني الباسل. كما يشرد الاف العائلات ويهدم مئات المنازل والمؤسسات والمنشآت ويقتحم القرى والمخيمات، بينما كل العالم تقريبا، في صمت مشين واستنكار خجول.

لقد مضى ما يزيد على ثلاثين عاما على قرارات الشرعية الدولية، الداعية اسرائيل الى الانسحاب الكامل من الاراضي العربية المحتلة، كما مضى ما يزيد عن نصف قرن على قرارات اخرى تلزم اسرائيل اعادة الشعب الفلسطيني الى ارضه. ومنذ ذلك الحين، الى مؤتمر مدريد، مرورا بمناورات اوسلو، وصولاً الى ما يسمى “توصيات ميتشل” و”تقرير تينيت”، سارت الامور من سيىء الى اسوأ، فاصبحت سياسة اسرائيل اكثر اجراما وتوسعا، واصبح الشعب الفلسطيني اكثر تشردا والما. ولكن من رحم هذا الظلم والالم خرجت المقاومة والانتفاضة، واصبحنا امام فجر جديد يبشر بعودة الحق وقرب الخلاص.

اليوم، وبعدما بزغ فجر المقاومة والانتفاضة، جاؤوا يتحدثون عن وقف العنف في الاراضي المحتلة، متجاهلين اي مضمون سياسي يرتبط بمفاوضات لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية. وماذا يعني وقف العنف فقط، بين المحتل والمقاوم للاحتلال، غير بقاء الاحتلال مستقرا وآمنا الى ما لا نهاية؟ اليوم، ودعما لاسرائيل في حربها ضد المقاومة والانتفاضة، يحمل بعض الدول ضدنا عناوين الارهاب. وكنا نحن العرب اول من استنكره وادانه، ويتناسون ان الاحتلال هو الارهاب الاكبر، ويتناسون انهم في اميركا، كما في اوروبا وغيرها، حرروا ارضهم في الماضي بالمقاومة. كما يتناسون ايضا ان جماعات الارهاب التي يتهموننا بها، انما نشأ معظمها على ايديهم. اما نحن، فيطلبون منا ان ندفع الثمن مرتين: مرة عندما كانوا اصدقاءها، ومرة اخرى بعدما اصبحوا اعداءها. ومن هذا المنطلق تحديدا، فان التضامن العربي يحتم علينا اعتبار اي استغلال لهذا الوضع ضد اي دولة عربية اعتداء علينا جميعا.

ايها الاخوة والاعزاء، يقولون ان الامور في المنطقة وصلت الى طريق مسدود. اما نحن فنقول ان الطريق كان مسدودا من البداية من اسرائيل. وهذا ما اوصل الامور الى ما هي عليه اليوم. نعم ايها الاخوة، كان لا بد لهذا الانفجار ان يحصل، كما لا بد له ان يتطور مستقبلا، بعدما سدت اسرائيل من البداية، ولا تزال تسد كل الطرق، امام تنفيذ قرارات الشرعية الدولية 194 و242 و338 و.425 والكل يعرفون انها لم تنسحب من معظم الجنوب اللبناني الا تحت وطأة المقاومة. وهي لن تستجيب لحق الشعب الفلسطيني الا تحت وطأة الانتفاضة، ولا سيما حقه في العودة التي كرسها القرار الدولي رقم ،194 والذي استند اليه “اتفاق الطائف” والدستور اللبناني برفض اي شكل من اشكال التوطين في لبنان.

ان الخطر الكبير الذي يدهمنا ليس السياسة الاجرامية الاسرائيلية، لأن التاريخ علمنا ان هذا سياسة ستكون حتما خاسرة، في نهاية المطاف. ان الخطر الكبير يكمن في ان نقبل بالضغوط الدولية التي تريد منا ان نبادل وقف المقاومة والانتفاضة بوقف العنف، لا بزوال الاحتلال وعودة الحقوق. ونحن اذا قبلنا بمثل هذه المقايضة نكون قد تنكرنا لتضحيات الاف الشهداء الذين سقطوا ونكون قد خسرنا القضية.

ايها الاخوة، ان المقايضة الوحيدة المسموح بها قوميا وتاريخيا يجب ان تكون في مقابل تنفيذ اسرائيل قرارات الشرعية الدولية، وعلى رأسها الانسحاب الكامل من كل الاراضي العربية المحتلة، الى حدود الرابع من حزيران عام 1967 وحق العودة للشعب الفلسطيني الى ارضه.

ان المقايضة اذا حصلت يجب ان تكون بين تضحيات المقاومة والانتفاضة والسلام العادل والشامل. وهذا وحده السبيل الى استقرار حقيقي في المنطقة. ان قمة بيروت هي محطة تاريخية، ليوجه العرب الى العالم رسالة واضحة عنوانها السلام، كل السلام في مقابل كل الحقوق، ارضا وعودة، والا وجدنا انفسنا مجددا امام المزيد من المآسي والفرص الضائعة.