لخلل الذي تقع فيه مجتمعاتنا هو أنها تنظر الى الاختلاف في الآراء على انه حالة مرضية، لذا تسعى قدر امكانها الى انهاء حالة االاختلاف من خلال القضاء على الرأي الآخر.

ان الاختلاف حالة صحية، فلولاه لما تقدمت البشرية الى المستوى الذي عليه الان، ولظلت حبيسة التجربة البشرية الاولى دون تطور يذكر.

الموضوع: احياء المناسبات التاريخية

هل ان في احياء المناسبات والوقائع التاريخية اثارة للفتن ام لا؟

نعم: يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (تلك أمة قد خلت لها ماكسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون) البقرة/141 فاذا كان الله تعالى يقول لنا بان الامة التي وقعت فيها الحوادث التي نحرص على إحيائها سنويا ـ قد ولى زمنها وانتهى، وباننا سوف لن نُسأل عما بدر منهم كما انهم لم يُسألوا عما بدر منا، فما هو النفع الذي يرجى من وراء إثارة هذه الحوادث التاريخية.

فما النفع الذي يرتجي من احياء ذكرى مقتل الحسين بن علي بن ابي طالب (ع) سنوياً، فالرجل قتل قبل اكثر من 1350 سنة، وانتهى الامر، افليس غريبا ان نبكي ونلطم على رجل قتل قبل هذه المدة السابقة الذكر، ولم يبق من قاتليه احد الان؟

اليس الاجدر بنا ان نشغل انفسنا بحاضرنا، ونعالج مشاكلهُ التي هي اولى بالحل من تلك الت ياكل الدهر عليها وشرب؟

ان احياء مناسبات كهذه لا تحمل بين طياتها سوى تعميق الخلاف بين المسلمين، وتوسيع الهوة بينهما، في حين نحن الآن احوج ما يكون الى ردم الفجوات الحاصلة بين المسلمين، وذلك من خلال نبذ كل ما من شأنه ان يثير الفتن والخلافات، من قبيل هذه المناسبات التي سبق الحديث عنها.

حامد حنفي

الرأي اللآخر

لا: قال الله تعالى: (وذكِّرهم بأيام الله) ابراهيم /5

وقال كذلك: (وكلاًّ نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك) هود/120

وقال ايضاً: (أفلم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم) الروم/9

لم يكن الانسان كغيره من المخلوقات الاخرى من حيث الاستقلال في التجربة، بحيث يبدأ كل انسان تجربته على الارض بمعزل عن تجارب الآخرين الذين سبقوه، فلو كان الامر كذلك لتوقفت مسيرة البشرية، ولكنا نعيش ظلمات الجاهلية الاولى ويستقر الحال الى ما هو عليه الى قيام الساعة.

فالانسان ـ كل انسان ـ يبدأ تجوبته مما انتهى اليه السابقون عليه، كما ان لاحقيه يبدأون مما انتهى هو اليه، وهكذا تسير عجلة البشرية نحو التكامل.

ومسألة احياء المناسبات التاريخية ليست مما يثير الفتن في شيء بل على العكس من ذلك، فاحياء هذه المناسبات، من خلال دراستها بموضوعية، والوقوف على اسبابها هو احد الاسباب التي تدفع ا لمسلمين نحو التقارب، فيما لو انتهجوا منهجاً واحداً في التعامل مع هذه المناسبات. اذ ان الموضوعية لا بد ان تقود الجميع الى نتائج موحدة، وعندها ان كانت المناسبة من المآسي التاريخية، كمأساه الامام الحسين بن علي ابن ابي طالب(ع) يكون احياؤها، ودراسة اسبابها دافعاً للمسلمين الى تجنب هذه الاسباب لكي لا تتكرر هذه المأساة بصورة أخرى.

واما ان كانت المناسبة من مفرحات الامور، ومن المكاسب والمفاخر، كانت دراستها دافعاً ـ كذلك ـ للمسلمين نحو الاخذ باسباب هذا الانجاز والاستفادة منه في تحقيق نجاحات حاضرة، تكون أساساً للمستقبل.

عقيل العقابي

في هذا الباب نطرح رأيين مختلفين في مسألة معينة، ونترك باب التعقيب مفتوحاً للقراء من كافة الطبقات الفكرية، مع الالتزام بالاسلوب الحضاري للاختلاف.

للمشاركة في هذا الموضوع المطروح للنقاش في هذا الباب يرجى ارسال آراؤكم، وانتقاداتكم على العنوان التالي:

السيدة زينب/ دمشق ص.ب: 491 الجمهورية العربية السورية

او على البريد الالكتروني       almogtareb @ Freemuslim. net