خالد القشطيني

قبل: ان رجلاً كان جالساً في مقهى في مدينة الناصرية بجنوب العراق.

لاحظ القهوجي ان عقاله ملوث بشيء من الطين، فقال له: (يا ابو فلان، عقالك مطّين. قوم نظف عقالك). قالها القهوجي وانصرف من المعتاد للناس هناك، عندما يتكلمون في قضايا الشرف والعار ان يستعملوا لغة مجازية بالرمز والاشارة الخفية تفادياً لجرح المشاعر في مثل هذا الموضوع الحساس.

سمع الرجل هذه الجملة ففسرها بطريقته، قام من المقهى واسرع الى البيت وذبح زوجته، غسل يديه من الدم وعاد الى المقهى ثُم مرّ به القهوجي فكرر الجملة. (يا ابو فلان مو قلت لك. قوم نظف عقالك). قام الرجل في الحال وعاد الى اليت وذبح اخته. وغسل يديه من دمها ورجع الى المقهى. تكرر الكلام فكر الرجل مسرعاً الى بيته، ولم يبق في البيت غير امه العجوز فذبحها. وعاد الى المقهى وجلس حيث كان جالساً. فقال له القهوجي مرة اخرى: (يا ابو فلان بعدني وياك؟ ما تريد تنظف عقالك يعني؟) نظر الرجل الى القهوجي في اسى مريع وحيرة ممظة واجابه قائلاً: (منو بعد عندي؟ قتلتهم كلهم. مرتي واختى. ما بقي بالبيت حرمة).

ادرك القهوجي هول المأساة وما جرى للرجل. فمد يده وانتزع العقال من رأسه وأراه قطعة من الطين العالقة به. فكرها عنه ويا ليته فرك قلبه لو استطاع.