الثقافة اولا:

الجهاد في سبيل الله بكلا قسيمه الخاص والعام هما الركيزة الاساسية التي قام بها الاسلام و نهضت به الامة. فالخاص الذي يعتمد على الكفاح المسلح سواء كان دفاعا عن عرض او ارض او مال او من اجل نشر تعاليم الاسلام في بقية انحاء المعمورة و بشروط خاصة. و الجهاد الاكبر كما سماه رسول الله(ص) هو جهاد النفس نظرا لصعوبته اذ يستمر الفرد طوال حياته يواجه مختلف شهوات النفس من حب المال و الرئاسة و الرياء و السمعة و الكبر و العجب و حفظ اللسان و اليد و العين و السمع. الخ. و اذا نظرنا الى الجهاد من جانب آخر نجد له تقسيمات اخرى منها:

  1. الجهاد الابتدائي ـ و هو الذي يبدأ به المسلمون بحضور الامام المعصوم و ظروف خاصة تذكر في محلها و ذلك لنشر الاسلام و ازالة رموز الشرك و الظلال و مصادقه الفتوحات الاسلامية.
  2. الجهاد الدفاعي ـ و يتحقق عندما يتحصن المسلمون في اراضيهم لمواجهة العدو و هذا ما حصل في بداية البعثة عندما تحصن المسلمون في شعب ابي طالب.
  3. الجهاد الاصلاحي ـ و هذه مرحلة مهمة جدا في الرسالة فكما يقال ليس المهم الانتصار بل الاهم المحافظة على النصر لانه بدون المحافظة على منجزات الرسالة يتحقق لدينا الدور و تصبح الخسائر و التضحيات مقابل لا شئ. و قد اكد الباري تبارك و تعالى هذه الحالة بكتابه العزيز حيث قال: (و ان طائفتان من المؤمنيين اقتتلوا فاصلحوا بينهما). الحجرات، آية 9.

و من مصاديق الجهاد الاصلاحي هو الامر بالمعروف و النهي عن المنكر كما جاء في القرآن الكريم: (و لتكن منكم امة يدعون الى الخير و يامرون بالمعروف و ينهون عن المنكر) آل عمران 104. و قد وصف الله تبارك و تعالى الامة التي تامر بالمعروف و تنهي عن المنكر و تؤمن بالله خير امة كما في قوله: (كنتم خير امة اخرجت للناس تامرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله) 110 آل عمران. و ايضا جاء في الحديث عن الامام علي بن ابي طالب عليه السلام: (غاية الدين الامر بالمعروف و النهي عن المنكر) و من خلال الجهاد و مصاديقه تتحقق المصلحة العامة لان بالامر بالمعروف تستقيم الامور و تهدى العامة الى سبيل الرشاد و بتركه تنحرف الى ما يفسد دينهم و دنياهم كما اشارت الرواية الشريفة: (لتامرن بالمعروف و لتنهن عن المنكر او ليستعملن عليكم شراركم فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم) و قد يتصور البعض ان ترك الاصلاح و مقاومة الباطل سواء كان صادر من حكومة ام صادر من اشخاص يخلصه من المشاكل و يجعله يمنحى عن البلاء فقد اجاب الامام علي عليه السلام على هذا التصور حيث قال: (و اعلما ان الامر بالمعروف و النهي عن المنكر لا يقربان من اجل و لا ينقصان من رزق) و كلمة ليستعملن في الرواية السابقة تشير بوضوح الى ان البلاء واقع و بصورة اشد و لو بعد حين لمن ترك الامر بالمعروف. و ما ناقة صالح و من عقرها الا واحد بينما نزل البلاء على الجميع.

فالامام الحسين(ع) سعى بنهضته الى تحقيق المصلحة العامة و سلك الى ذلك كل السبل فلم يستخدم الامام الحسين(ع) العنف حتى تقطعت السبل فمرت ثورة الامام الحسين(ع) بمرحلتين:

(1)  مرحلة اللاعنف و هي مرحة الاعداد و التهيئة للثورة.

(2) مرحة الدفاع عن النفس و الاهل و استخدام السيف. و من ضمن ما قاله و فعله لافهام القوم انه لا يريد القتال انما يريد اعادة مسيرة الاسلام الى الصراط المستقيم.

(1)  رفضه البيعة ليزيد علنا بالمدينة.

(2)  خروجه من المدينة الى مكة اعلانا عن رفضه و رغبته في اعلام اهل مكة بموقفه.

(3)  وجود الامام الحسين(ع) في مكة ايام الحج و اعلام الآلاف من الديار الاسلامية بموقفه.

(4)  اعلن الحسين(ع) انه ذهب الى انصاره في الكوفة ليقودهم الى الثورة ضد من استمر في المنكر

(5)  حمل الاطفال و العيال دعوة للسلم لا للقتال.

(6)  طلبه من القوم السماح له بالعودة.

(7)  طلبه من اصحابه في آخر ليلة من العاشر من محرم اتخاذ الليل جملا و ترك معسكر الحسين(ع).

(8) لم يبدأ الحسين(ع) بالقتال حتى عند طلب القوم القتال. قال لن اقاتل حتى يبدأ القوم القتال و عندما رمى معسكر بن سعد السهام قال الامام الحسين(ع) قوموا الى الموت الذي لابد منه يرحمكم الله، و بعد هذه المرحلة بدأت المرحلة الثانية.

لذلك نفهم ان اللاعنف لا يعني الخضوع و الخنوع بل استخدام الطرق السلمية التي تعتمد على العقل و المنطق لانتزاع الحق.

المحامي

نزار حبيب الموسوي