العنف. اللاعنف!! هذان المصطلحان يعتبران في الواقع من الامور المتناقضة و النقيضان كما هو ثابت في محله من علم المنطق يستحيل عقلا اجتماعهما في موضوع واحد في زمان و مكان واحد و من جهة واحدة فالموت و الحياة ـ على سبيل المثال ـ لا يمكن اجتماعهما في موضوع واحد في آن واحد فلا يمكن ان يقال عن فلان في الواقع بانه حي و ميت في آن واحد فهو اما حي غير ميت و اما العكس و هكذا العنف و اللاعنف.

و بما ان الله تعالى حين ارسل رسله من لدن آدم الى خاتم النبيين لم يعهد اليهم اخذ الناس بالقوة كيما يؤمنوا برسالاتهم كان اللاعنف اذن قرينا لهذه الرسالات، اما العنف فليس لهم اللجوء اليه الا في موارد الاضطرار (النادرة) و بشروط خاصة بحثت في محلها و عليه فالعنف ليس قرينا للرسالات التي تحمل خير الانسانية و سعادتها، فاذا لم يكن قرينا للخير فهو قرين نقيض الخير بناء على ذلك.

اذن فالانبياء و من نهج نهجهم و من يريد السير على خطهم لايتسنى له استعمال الأمرين معا في سبيل الوصول الى هدفه اذ ان هذا كما تقدم لا يمكن حصوله عقلا فاما ان يسير على نهج اللاعنف ـ و هو نهج الانبياء ـ و يكون العنف مرفوعا من قاموسه قهرا و انما يكون محفوظا جانبا لحين الشروط الخاصة به و ذلك حين يستحيل اللاعنف فيضطر حينها للجوء الى نقيضه.

فاللاعنف اذن هو قرين للخير، و الخير هو ما تحمله الرسالات الالهية للبشرية فالسعادة بناء عليه مضمونه باللاعنف.

المحامي ح. البصري