بسم الله الرحمن الرحيم

ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ صدق الله العلي العظيم

 

قرن الاسلام الحنيف نهجه وشيّد اسسه على ارقى واجل الأسس التي لو تمسك بها الانسان لنعم بالأمن والخير والسؤدد، ولأرتقي درجات وقطع اشواطاً على صعيد التطور والازدهار والعيش الكريم،  خصوصا ان تلك المبادئ ارتكزت بصورة اساسية على مبدأ التسامح والتعاطف والرحمة ونبذ العنف جملة وتفصيلاً، مستثنياً بذلك درء المخاطر وحماية النفس التي كرمها الله وحفظ مكانتها.

فتبرز من خلال تصفح تلك التعاليم التي نص بها القران الكريم واتبعها السير الشريفة لنبي الرحمة وآل بيته الاطهار صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين، نجد عظمة العفو واللاعنف في الاسلام وحجم الارشادات الدينية والشرعية التي اوصت بضرورة التمسك بها سلوكا وثقافة.

فيقول العفو الغفور في نص كلامه الكريم: ((وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ))، اذ شدد خلالها الله عز وجل على اهمية العفو، وهو مصداق حقيقي لمبدأ وفضيلة اللاعنف في التعامل مع الاصدقاء والاحباء و حتى الاعداء، وهذا ما تجلى في سيرة الرسول محمد صل الله عليه وآله  في الكثير من الاحداث، وسعى في ترسيخها في تعامله مع الوقائع، واصفين حال المؤمن الحقيقي(اللين وترك الفظاظة والغلظة والعنف وغيرها مما تنفّر الناس).

فعن الإمام الصادق (عليه السلام) انّه قال: (صل من قطعك، وأعط من حرمك، وأحسن إلى من أساء إليك، وسلّم على من سبّك، وأنصف من خاصمك، واعف عمّن ظلمك، كما إنّك تحبّ أن يُعفى عنك).

ومن جملة من اتبع كل ذلك بإحسان، وسعى لنشر ثقافة التسامح ونبذ العنف سماحة المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي، اذا ما فتئ استدراك تلك الخصلة واشاعتها في المجتمعات، مذكراً بها في كل محفل ومناسبة، موثقاً لها في كل كتاب ووصية، فيقول: (ما أعظم عفو رسول الله -صلي الله عليه و آله- عن الأعداء؟ فقد مثل النبي – صلي الله عليه و آله- عفو الإسلام خير تمثيل. وأفهم الجميع أن الإسلام جاء يريد الخير للجميع، لأوليائه وأعدائه جميعاً، وليس ديناً يحقد على أحد، وليست بعض ممارساته الصارمة نابعة عن القسوة، أو الحنق، وإنما هي نابعة عن روح تعميم العدالة على الجميع). وهذا المنهج النبوي الشريف دليل قاطع على أهمية الاعتدال والتعايش والوسطية ونشر روح التراحم بين الجميع بعيداً عن التعصّب والاحتراب.

ومن هذه المنطلقات، وبالتزامن مع احياء المجتمع الدولي اليوم العالمي للاعنف في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر، تدعو منظمة اللاعنف العالمية (المسلم الحر) كافة القادة والمسؤولين للدول والحكومات، خصوصاً بلدان الشرق الاوسط، الى الاسترشاد بتلك التعاليم المقدسة والقيم العالية التي اقرتها الشرائع السماوية والسنن الشريفة الى جانب ما اتفقت عليه القوانين الدولية باعتبار مبدأ اللاعنف ضرورة انسانية ووجودية، واعتباره وسيلة ناجعة لتجاوز الاضطرابات والصراعات الجارية، والاستفادة من هذه الوصايا لترسيخ سياسات ترمي لتأمين العيش الكريم بين ابناء الجنس البشري، بمختلف انتماءاتهم واعراقهم، والله ولي التوفيق.